أخطار تحدق بالثورة! هل بات قدرا محتوما علي المصريين أن يظلوا داخل هذه المتاهة الصعبة, يدورون حول أنفسهم, ويزدادون كل يوم انقساما وتشتتا لأسباب عارضة بعضها صحيح وبعضها خاطيء, تحركهم محض إشاعة كاذبة, يتشككون في كل شيء, في قدرتهم علي بناء ديمقراطية صحيحة, وفي حسنيات المجلس العسكري الأعلي, وفي كفاءة الحكومة التي اختاروها, وفي القضاء الذي يمارس دوره في محاكمة رموز النظام السابق,رغم كل التجارب والدلائل التي تؤكد لهم أن ثورة25 يناير مطلوبة لذاتها, خوفا من أن تسري عدواها, وأن هناك في الخارج قبل الداخل من يخططون لافشالها, وأن هذا الجهد مقضي عليه بالفشل إلا أن يتم ذلك بأيدي الثوار أنفسهم الذين يزدادون تشتتا وانقساما يلهيهم العرض عن الجوهر, بينما آخرون يسحبون السجادة من تحت أقدامهم. ومع الأسف, يعتقد شباب الثورة أن الاعتصامات والاحتجاجات هي خيارهم الأفضل وأداة التصحيح الوحيدة التي تمكنهم من التعجيل بالتغيير, والإسراع بمحاكمات رموز النظام السابق والوفاء بحقوق الشهداء دون أن يفطنوا إلي أن رؤاهم التي يريدون فرضها علي الجميع تصطدم بواقع صعب, يتطلب قدرا من التريث والحكمة حتي لا تنتكص الثورة علي أعقابها, ونجد أنفسنا من جديد أمام المربع رقم واحد, نعاني من فقدان الأمن بعد أن حقق تحسنا مطردا ونعاني من وقف الحال بعد أن بدأت عجلة الاقتصاد في الدوران, فقط لأننا لم نحسن ترتيب أولوياتنا, ولأننا لا نريد أن نثق بنيات المجلس الأعلي ووعود حكومة الثورة, ونصر علي ضرورة اجتثاث كل الذين شاركوا في العمل العام في الفترة السابقة, رغم أن الاجتثاث والإقصاء والاستبعاد الجماعي يزيد شروخ المجتمع ويجافي مقتضيات العدالة ويدخل مصر في متاهة الثأر والكيد والانتقام, لأنه إذا صح أن من حق الثورة أن تجتث الفساد وتحاكم رموزه الضالعين في جرائمه من الغفير إلي الوزير يصبح الإقصاء الجماعي خطرا علي مستقبل الثورة, ولمن لا يريدون تصديق ذلك, أن يراجعوا ما حدث في العراق بسبب اصرار الأمريكيين علي تفكيك الدولة واجتثاث كل من شارك في حكم صدام حسين, دون تفرقة بين قيادات ورموز ضالعة وآخرين شاركوا بحكم الأمر الواقع.. وأظن أن كل المطلوب من ثوار ميدان التحرير بعض الوقت وبعض الصبر وبعض الثقة والكثير من الانتباه للمخاطر التي تحدق بالثورة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد