يقولون دائما الرياضة أخلاق.. تعبيرا يردده الناس في مصر في جلساتهم وأحاديثهم وأماكن عملهم حتي في المدرجات ولكن لا يعدو كونه مجرد أربع كلمات تقال فقط, ولكن تطبيقها بعيدا عن ارض الواقع وهنا تكمن المأساة انه ينطبق عليه قول القران العظيم يا أيها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون. بات الكلام هوايتنا و حرفتنا.... نجيده بصوره لو أدينا جزء قليلا مما نقول لأنجزنا في حياتنا الكثير من الأمور ولصلح شأن هذا الوطن الذي يحتاج إلي المخلصين والشرفاء. نعيش مرحلة في غاية الخطورة من الانهيار الاخلاقي في الشارع ومن بعده في مدرجات كرة القدم التي باتت مرتعا ومدرسه لتخريج أجيال جديدة في المجتمع لا تجيد سوي شئ واحد السباب والشتائم التي تخالف الدين. وكل الأعراف خاصة بعد ظهور ما يسمي بروابط الالتراس نقلا عن أوروبا المنشأ الرسمي لتلك الظواهر, ولكننا كعادتنا عندما نستورد اي شيء نأخذ كل عيوبه دون أن نفكر ما هو الذي يتواكب مع مجتمعنا وما يرفضه ديننا وبدلا من أن نأخذ التشجيع والمؤازرة القوية من الدوريات الاوروبية اقتبسنا الشتائم والسباب واللافتات المهينة التي يعاقب عليها القانون.. وبما أن الأخير غاب فكان يجب علي شباب الالتراس ولابد أن من بينهم إنسانا رشيدا يتدخل لتصويب ما يحدث ومنع هذا الانهيار الاخلاقي الذي لم يطل من في الملعب فقط ولكن طال كل من يجلس في منزله وفي عمله وفي مصنعه وفي مقهاة يتابع مباراة في كرة القدم من المفترض انه يستمتع بها, ولا نود ان نحمل الالتراس مسئولية كل ما وصلنا اليه في مدرجات ملاعبنا لان تلك الروابط ورثت تركه ثقيله من الانفلات الاخلاقي الذي كان سائدا فيما قبل في مجتمعنا. كشفت مباراة القمة الاخيرة بين الاهلي عن الواقع المرير الذي نعيشه وسنظل نعيشه في ظل تفشي ظاهرة الانحراف الاخلاقي الذي يجد كل مسانده وتشجيع من اغلب المسئولين والإعلاميين والإعلام الالكتروني الخطر الحقيقي وجزء من الإعلام المقروء. وحفلت المباراة بأربعة مشاهد تحتاج منا جميعا إلي أن نقف أمامها ونقرا الأسباب الحقيقية التي أدت إلي حدوثها وطرق العلاج للتخلص منها بقرارات وقوانين صارمة من القائمين علي كرة القدم. المشهد الأول.. لا شك أن واقعه حسام حسن المدير الفني للزمالك وانفعاله غير المبرر نحو مانويل جوزيه المدير الفني للاهلي معاتبا إياه علي عدم إيقاف لاعبيه اللعب لسقوط عاشور الأدهم في نفس الوقت الذي أحرز دومنيك هدف التعادل للاهلي بأنه مشهد غريب وغير مقبول من حسام حسن الذي طالب بقاعدة اللعب النظيف في حين جوزيه لا يملك إيقاف اللعب خاصة ان الحكم الهولندي كان علي بعد أمتار قليلة من اللاعب المصاب وهو ما يدفعنا هل لو عكسنا الموقف كان سيوقف حسام حسن اللعب انتظارا لعلاج لاعب الاهلي.. اخطأ حسام ويجب أن يراجع نفسه إذا ما أراد أن يكون مدربا كما كان لاعبا كبيرا. المشهد الثاني: أثار انفعال هاني سعيد مدافع الزمالك بعد المباراة كثير من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا الغضب الكامن الذي تملكه ومحاولته اليائسة لاقتحام غرفه ملابس الاهلي بحثا عن فريسة ينقض عليها ليفرغ فيها غضبه بصورة لافته للنظر ربما لم يلتفت إليها احد ولكن بعد هدوء الجميع خرج اللاعب ليفسر أن سباب حسام عاشور لاعب الاهلي له بأمه وأبيه أثناء خروجه من الملعب بعد طرده وراء هذا الانفعال, بالتأكيد اي إنسان طبيعي يتعرض لهذا الموقف لن يسكت ولا يوجد سبب وحيد يدفع عاشور لهذا التصرف بالرغم من انه يبدو وديعا وهو أمر يحتاج إلي وقفه من عاشور ليعتذر علي الأقل لزميله إلا إذا كان عاشور يري أن ما أقدم عليه طبيعيا وهنا ما تكمن خطورة المشكلة إلا انه يلام علي هاني سعيد فقدانه أعصابه برغم خبراته الكبيرة في التعامل مع تلك المواقف. المشهد الثالث: تعرض عماد متعب مهاجم الاهلي لموقف بالغ الحرج لما شاهدة من لافتات تناولت حياته الخاصة من الالتراس الزملكاوي بصوره جارحة ربما لا يقبلها أي من حمل تلك اللافتات علي والدته أو أخته أو زوجته وهو تصرف بعيد عن الأخلاق التي تسمي رياضية, لعب متعب تحت ضغوط عصبية ربما عاشها لأول مرة ما كان يجب أن تمر تلك اللافتات إلا وان يعاقب أصحابها وهو الأمر الذي اخرج متعب عن شعوره بعد المباراة بصوره تم تفسيرها علي انه أتي بحركات وربما يكون فعل ذلك وربما لا, كما أن تصرف عمرو الصفتي مع متعب غير مبرر ويجب أن يحاسب عليه طالما تغاضت عنه لجنة المسابقات, ويعتذر عن تصرفه الذي لو تعرض له الصفتي نفسه لعذر عماد متعب. المشهد الرابع: دأبت جماهير الاهلي أيضا علي حمل لافتات مسيئة للزمالك ولتاريخه وللاعبيه ولكن لا يوجد مبرر واحد يجعل الالتراس يسب والدة حسام وشيكا بالا منذ انطلاق مباريات الدور الثاني بصوره فاقت الوصف في ظل صمت تام وسكوت من الإعلام بكافة أشكاله وهو الأمر الذي يدعونا نتساءل.. لماذا كل هذا وأين المنافسة الشريفة وما علاقة والده حسام وشيكابلا وزوجه متعب بالمباراة ويجب أن يسال كل مشجع ماذا لو تم سب والديك وزوجتك هل كنت ستقبل وتبقي كلمة, قانون تلك الروابط هو إخراج المنافسين عن تركيزهم بهدف المساعدة في منح الافضليه لفريقهم, والغريب أن بعض المسئولين والإعلاميين يرون في السباب الجماعي مشروعيه وأمرا طبيعيا في كرة القدم. يجب الاعتراف أن المتعصبين من روابط الالتراس نجحوا في تكوين دولتهم وملاعب كرة القدم المصرية والتي تقوم علي هدم ما هو اخلاقي من خلال السباب الجماعي واللافتات المسيئة والعبارات التي لا تمت للدين والأخلاق بشئ, أهانوا كل شئ ولو أعطوا وطنهم وقضاياه بكل الحماس التي نشاهده في المدرجات لتغير حالنا إلا أنهم تحولوا إلي عبادة قطعه الجلد الملفوف فباتت قبلتهم ودينهم ويحتاجون إلي صحوة ضمير من عقلاء من بينهم لإنقاذ الأخلاق التي أهدرت في ظل الصمت التام للإعلام الذي يتغني بهم ولا يجرؤ علي الاقتراب منهم, نسوا هؤلاء الشباب ونسيت بعض جماهير كرة القدم أن ما يحدث في المدرجات أمر يتنافي مع الدين حتي أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال في حديثه الشريف المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وقال أيضا ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء وان السباب والشتائم تعد من الكبائر فكم يتساوي ذلك عندما تغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام. ونكمل أن الاعلام الفضائي والاليكتروني وبعض حملة الأقلام مطالبونا بمراعاة ضمائرهم والتخلص من اسلوب المشجعين والدفاع عن الجماهير بالحق والباطل, وتذكر ان رسالتهم أسمي من ذلك وان عليهم ان يكفوا عن بث اي اساءة من اي نوع.