بل أكتب عنا جميعاً.. فكل منا يعيش سجين ظروف حاصرته من كل جوانبه.. الاسم أحراراً ولكننا سجناء مقيدون بمسئوليات ومتطلبات وواجبات ومشغولات ومواعيد وأعباء ومشاعر تجبرنا على الثورة بداخلنا وأحيان أخرى تجبرنا على الصبر على أحوال نشعر معها بالقهر والظلم ومع ذلك لا نملك إلا أن نقبلها ونعيشها... وتمر الأيام وتمر السنين وتتغير الأحوال.. ولكن بصورة أخرى تحت نفس الإحساس بالاضطرار فى الاستمرارية فى تحمل المسئولية والمواصلة دون اعتراض أو تهرب من الواقع. ونتحايل أحياناً على أنفسنا بكلمات الصبر والمفروض والأصول ونتحمل وأحياناً أخرى بكلمات بالية أو أوقات قصيرة فانية من أمثال (رفه عن نفسك شوية أو غير جو يومين).. وسرعان ما نعود إلى الزنزانة. وجوهنا يعشش فيها الألم والحزن وكأن تقاسيمها تعودت هذه الملامح المقهورة. سنين وسنين مضت وأحوالنا من سيء إلى أسوأ وفجأة تحدث المعجزة.. تبدل كل شيء.. وتفجر بركان الغضب ليحرق كل خبث عشش حولنا وأسكن بداخلنا الحزن واليأس والمرض والكآبة. أشعر أننى فى حلم اصدقه أحياناً وأزهل منه أحياناً كثيرة.. ما كل هذا الفساد ولظلم الذى كنا نتحمله وكيف تحملنا كل هذا القهر.. ونحن صامدون ولم ننكسر.. ظمئا ولكن فينا الحياة كشجرة الصبّار وكبرت فينا الشجرة واشتد عودها.. وغرست أشواكها فى عنق الفساد فنزف دماً وجراحاً ورغم أنى أرى ما لم يخطر ببالى يوما أن أراه.. لا أستطيع أن أبتسم.. لماذا؟ هل تعودنا الحزن واحساس بالقهر..؟ أم نحتاج إلى فترة من الزمن لننسى الماضى بكل ما فيه من ألم..؟ نحتاج لفترة انتقالية من عهد ظلم وفساد وقمع وقهر ونهب وسلب وتسيب وابتزاز. إلى عهد عدل وإصلاح وإنصاف وتكريم وإعزاز ورفعة والتزام وشرف. نحتاج لوقفة نتأمل ونفكر وندبر ونحاذر ونعمل ونقوى. وبعد أن نستوعب ونستقر نحاول ونحاول أن نبتسم. المزيد من مقالات ايناس عبد القادر