لقد استطاع الشعب المصري إنهاء حكم الرئيس السابق مبارك الاستبدادي بعد أن انعزلت مصر عن الأمة العربية وأصبح دورها القيادي في تدهور وتدنى وساءت سياسة مصر داخليا بتدهور الحياة السياسية بأحزاب ديكورية وهشة وضعيفة، واقتصاديا بزيادة مستمرة في الأسعار وعدم تحقيق معدل تنمية ناتج من عدد من رجال الأعمال الفاسدين الذين استطاعوا أن يدخلوا مجلس الشعب عن طريق التزوير ويقومون بصنع قوانين تخدم مصالحهم، وحكومة تعمل على هدم المصالح المصرية لوجود فساد ممنهج في كافة المصالح الحكومية أدي إلي انتشار البطالة بين أوساط الشباب نتيجة السياسات الفاسدة، وخارجيا بتراجع دور مصر الإقليمي في العديد من الملفات الخارجية ومنها ملف حوض النيل والمصالحة الفلسطينية وجنوب السودان وغيرها مما كان الوقود الذي انطلقت منه وله ثورة الشباب 25 يناير من أجل إنهاء احتكار السلطة السياسية قرابة الثلاثون عاما، وإغلاق ملف توريث الحكم، وتفاقم الفساد السياسي والاقتصادي في مصر عن طريق الحزب الحاكم والحكومة، وأخيرا القشة التي قسمت ظهر البعير التزوير الممنهج للانتخابات الرئاسية والتشريعية لخدمة مصالح الرئيس السابق مبارك وحاشيته، بالإضافة إلي تدهور الأخلاق في مجتمعاتنا فما بين انتشار حوادث خطف واغتصاب الفتيات إلى المعاكسات إلى الإدمان وتعاطي وتجارة المخدرات، وتزايد جرائم الرشوة والسرقات بل والقتل وكذلك انتشار جرائم التزوير واستيلاء المسئولين عن المال العام، كل ذلك مؤشر يؤكد انهيار الأنماط والقيم الحاكمة للأخلاق في مجتمعاتنا، وانعدام أهم سمات الشخصية المصرية وهي فقدان النخوة ونجدة الآخر قريبا أو بعيدا. هذا الإفساد الممنهج لابد له من أرضية مناسبة فكان النظام السابق مستعينا بأدواته من قوة بطائشة سواء النظامية من جهاز شرطي ذو قبضة حديدية مسيطرا علي كافة أجهزة ومرافق الدولة، وثانيا الاستعانة بالبلطجة في مختلف نواحي الحياة حتى أصبحت كأسلوب حياة مع انتشار البطالة والعشوائيات وغياب القانون وعدم تنفيذه إلا لمن يملك النفوذ سواء بالحق أو بالباطل، ولكن يلزم نجاحهم انتشار السلبية والخنوع وفقدان النخوة وضياع الحلم والأمل وتفضيل الموت علي الحياة حتى أصاب الأجساد والعقول السرطنة. والسؤال الملح ما هي كانت مبرراته لتبني هذه المنظومة هل طول مدة الحكم؟ أم طبيعة وهوي؟ أو ما يسمي بملف التوريث؟ الإجابة أعتقد كل هذه السلبيات مجتمعة معا فطول مدة الحكم يتم فقط في الأنظمة الفاسدة القائمة علي القمع والاستبداد بالحكم من خلال حاكم واحد أمرا ناهيا لا يهمه سوي الجلوس علي كرسي الحكم بدواعي واهية الزعيم الأب مفجر الثورة القائد الأخ التاريخ البطل المفدى ألقاب تدل علي الغرور بالذات يطلقها مجموعة من الباطنة المنافقة تلقي إعجابا وهوي من حاكم طبيعته هكذا فتفرض علي شعب مغلوب علي آمره بعض الوقت أما طبيعته أو فترات تعيشها كل الأمم صعودا وهبوطا أو مضحوكا عليه بشعارات ورجال مرحلة وترزية قوانين ودساتير وأعلام وحزبين ومعارضة مؤجرة وتنفيذيين ضعاف في كل المواقع مختارة بعناية، أو اختيار مجموعة من الرموز الفاسدة المفسدة من أجل تمرير هدفا لا يقبله شعبا ذو حضارة إلا من خلال التآمر عليه لتغيبه عن الهدف المنشود باستخدام أي أساليب مشروعة أو مجرمة دوليا أو وطنيا أو حتى بالعبث بمقدرات الوطن وثروات الأجيال وقد تصل العبث بحياة الشعب كله من أجل حفنة ظالمة تشعر بأنها فوق البشر وخلود السلطة والجبروت والعمر والعياذ بالله الواحد الأحد. وبذلك استطاع الشعب المصري وفى مقدمته شبابه تقديم درسا هاما للحكام العرب على أن الشعوب لا تموت بل تنتفض عندما يضيق ذراعها لانتزاع الشرعية لان الشعب هو مصدر السلطات وحده، والقادر علي الشفاء من أمراض الحكم المتسرطنة بأوهام عفي عليها الزمن، ولكن يبقي محاربا تلك الآفات السابقة لعله يقضي علي البطالة بأشكالها المتنوعة ويسترجع نخوته المتأصلة من أجل بناء الوطن بالعمل والإنتاج ويعود دور مصر الريادي كما كان. المزيد من مقالات محمد مصطفى