كانت سقاية الحاج ورفادتهم عادة مألوفة لدي قريش منذ عهد قصي بن كلاب وكان يتوارثها حفدته جيلا بعد جيل حتي وليها عبدالمطلب بن هاشم بن عبد منا بن قصي, وكانت الرفادة شيئا هينا فقد كان يقدم كل بيت ما يستطيع من طعام أو السقاية فكان تدبيرها عسيرا نظرا لقلة الماء وكان عبدالمطلب بن هاشم قد سمع من أقاصيص الرواة عن بئر زمزم الذي قامت قبيلة جرهم بردمه بعد تولت قبيلة خزاعة سدانة البيت, وتمني عبدالمطلب لو قدر له العثور علي مكان زمزم ليكشف عنها ويعيدها سقاية للحج كما كانت في عهد جده اسماعيل, وذات ليلة رأي هاتفا في منامه يقول له يا عبدالمطلب احفر زمزم عند نقرة الغراب الأعصم, فانطلق نحو البيت فاذا الغراب الأعصم قائما ينبش برجلية حيث تذبح الانعام التي تهدي الي البيت, وكان هذا الغراب يمتاز من غيره من الغربان ببياض في إحدي رجليه, وقام عبدالمطلب بالحفر في المكان يعاونه ولده الحارث, وثار أهل قريش علي عبدالمطلب وحاولوا ان يمنعوه من الحفر وتجمعوا عليه بأبنائهم وهنا عز عليه أنه ليس له إلا ابنه الحارث فبكي وتمني علي الله أن يهب له عشرة من الذكور يدافعون عنه ونذر أن يذبح واحدا منهم وظل يحفر حتي وصل للبئر التي بنا لها جده اسماعيل عليه السلام, وحاول أهل قريش أن يقاسموا عبدالمطلب في الماء فقال لهم اجعلوا بيني وبينكم فيه حكما, فخرجت قريش بعشرين رجلا من أهلها وخرج عبدالمطلب مع عشرين رجلا من بني عبد مناف قاصدين تحكيم أحد العرافين وبينما الجميع يسير في الصحراء نفد ما كان معهم من ماء وقال البعض إنه الموت لا محالة فليحفر كل منا قبره, لكن عبدالمطلب نهرهم وطلب الاستمرار في السير وبينما هو راكب ناقته حتي رأي ماء ينبثق تحت اقدامها فشرب الجميع من رجال قريش ومن بني عبد مناف وكان ذلك قبل أن يصلوا للكاهن الذي يحكم بينهم علي ماء زمزم وعند ذلك احاط رجال قريش بعبد المطلب يباركونه قائلين حكم الله لك يا عبدالمطلب إنكم يا آل عبد مناف لتحملون قلوبا طاهرة وانك يا عبدالمطلب أزكاهم نفسا وأطهرهم قلبا, فو الله لا نخاصمك في زمزم أبدا ومنذ لك اليوم صارت زمزم حقا لآل عبدالمطلب يسقون منها الحجيج.