احتفالا بمرور مائة عام علي ميلاد الفنان التشكيلي الراحل صلاح طاهر آخر جيل الرواد المبدعين تقيم حاليا قاعة الزمالك للفن شارع البرازيل معرضا استعاديا لباقة من أعماله خلال رحلته الإبداعية . التي بدأها عام1929 حتي رحيله قبل أربع سنوات عن عمر يناهز96 عاما, وتمثل أعمال للفنان الراحل مراحله الفنية المختلفة والتي بدأها بالتحاقه بمدرسة الفنون الجميلة العليا عام1929 وتتلمذ علي يد الفنان الراحل أحمد صبري ونال شهرة واسعة في رسم اللوحات الشخصية والمشاهد الريفية حتي عام1956 عندما تحول إلي الاتجاه التجريدي بعد رحلة إلي الولاياتالمتحدة وأصبح واحدا من أعلام هذا الفن ولكنه وجد ذاته الفنية عندما اتجه إلي الروحانيات والتصوف وتركزت أعماله الفنية علي لفظ هو كدلالة علي الخالق جل جلاله فرسم العديد من اللوحات تنوعت فيها الأشكال الفنية بأسلوب متميز وتقنية متفردة أحاطت لفظ هو بحس روحاني مميز ولاقت هذه الأعمال قبولا وإعجابا حتي أن السعودية استضافته وأقامت معرضا للوحاته التي تم بيعها بالكامل وأقبل عليها الأمراء ورجال الأعمال والمسئولين, وعندما عاد إلي مصر رسم أكثر من400 لوحة تدور حول لفظ هو لكن أصحاب المصالح أرادوا الثراء علي حسابه وقاسمته مديرة أعماله ثمن لوحاته مناصفة فأثرت ثراء كبيرا, وبعد سنوات اتجه إلي رسم لوحات عن أسماء الله الحسني لاقت إقبالا كبيرا. وقبيل رحيله بعام واحد أجرت معه صفحة فنون جميلة ب الأهرام حوارا فتح فيه خزائن أسراره وتذكر عندما حصل علي منحة في الثلاثينيات لدراسة الفن في أوروبا, وفي باريس قابله السفير المصري بفرنسا فرحب به واندهش لأنه لم يسمع عن تنظيم معرض لأعماله في العاصمة الفرنسية فأخبره بأنه جاء للدراسة وصارحه بأنه لا يملك المال لإقامة معرض في باريس فوعده السفير بتقديم التسهيلات اللازمة وبالفعل أوفي بوعده وحقق المعرض نجاحا مذهلا وبيعت كل الأعمال فكون صلاح طاهر ثروة لا بأس بها. ويتحدث أيمن طاهر ابن الفنان في كتالوج المعرض عن والده: كان صلاح طاهر يعيش بالفن وللفن مكررا دائما قوله الفن طويل المدي والحياة قصيرة وربما كان هذا أحد الأسباب التي أطالت في عمره حتي بلغ السابعة والتسعون ولآخر لحظة في حياته كان يتطلع بشخصه لعمله الفني القادم ولهذا السبب نجد تنوع إنتاجه ابتداء من الأكاديمية إلي أقصي التجريدية مارا بمعظم المدارس الفنية المعروفة مما أدي إلي وفرة إنتاجه الفني. فحين طلبت ناهدة الخوري أن يكون الاحتفال بمئوية صلاح طاهر هو عرض مائة لوحة من أعماله التي لم تعرض من قبل فإن الاختيار تم من أربعمائة وخمسون عمل لم يراها أحد. وقد ورثت عنه40 ألف كتابا معظمهما عن الفن بأنواعه المختلفة والفلسفة وفلسفة الفن علي الأخص, أما كتب علم النفس فكان مرجعها اهتمامه بالبورتريه إذ كانت مقولته الشهيرة أنه لا يرسم ملامح الشخص وإنما يرسم شخصيته وبهذا رفض رسم الكثير من المشاهير لعدم وجود معاني في وجوههم. الي جانب مكتبته الموسيقية فهو أحد الأشخاص القلائل الذين عاشوا بأفكارهم بمعتقداتهم بكل كيانه وجوارحه مؤمنا بالفن ورسالته مكرسا حياته للفن. والعجيب في مسيرة الفنان الراحل أنه في فترة الثلاثينيات أبدع نحو500 عمل فني عالج فيه الجسد الإنساني من خلال مجموعة عارياته بالأحبار, ولم يعرض معظمها حتي الآن.. كما بدأت اللمسة الصوفية تظهر في أعماله التي أبدعها في الخمسينات والتي مزج فيها الكتل اللحمية البشرية ممثلة في النسوة الريفيات اللاتي يرتدين الملاية اللف ويضعن البرقع ذي القصبة الذهبية فوق أنوفهن, ولا تظهر تفاصيل الجسد تعبيرا عن الارتباط بالعادات والتقاليد التي تمنع الكشف عن تفاصيل جسد المرأة أو ملامح وجهها. والفنان الراحل قضي في الإبداع نحو75 عاما قدم خلالها18 ألف لوحة أو يزيد وأقام أكثر من80 معرضا خاصا بمصر وخارجها وشارك في67 معرضا مشتركا ونال العديد من الجوائز والأوسمة وتم تكريمه في كثير من المحافل الفنية العالمية..