كثر الحديث في الشهور الأخيرة خاصة بعد ثورة25يناير عن إصلاح الأزهر الشريف كإحدي المؤسسات التي تأثرت علي مدي السنوات الماضية بالتحجيم المقصود, وطالب الكثيرون بالعودة إلي دور المؤسسة الرائدة التي لا غني عنه في العالم الإسلامي كله لنشر الفكر الإسلامي السمح في مواجهة التطرف ومحاولات تصنيف المسلمين إلي جماعات وفرق بمسميات قديمة وحديثة. وإيمانا بهذا الدور الذي لعبه الأزهر علي مر العصور وترسخا في عقول ووجدان المصريين وتأكيد أن هذه المؤسسة هي الملاذ الآمن في هذا الوقت الحرج الذي يختلط فيه الحق والباطل, جاء هذا الموضوع كنداء للأزهر الشريف لإلقاء نظرة علي معاهد القراءات التي يلتحق بها خريجو الجامعات غير الأزهرية للحصول علي إجازة القرآن الكريم المعترف بها عالميا ولكي يكون لهم دور في نشر وتعليم القرآن الكريم وعلومه الرفيعة, وهو أحد أكثر المنابر التعليمية أهمية لأنها تضخ دماء جديدة في مجال الدعوة الإسلامية المستنيرة, التحقت بأحد هذه المعاهد ولكن فوجئت بعدة أمور لا يمكن السكوت عنها في سياق حديثنا عن التطوير ومواكبة العصر, ويأتي علي رأسها عدم وجود مكان مخصص لهذا المعهد الكائن في مصر الجديدة, وكذلك لفرعه الرئيسي في شبرا, حيث تم إلحاق المعهدين بمدرسة بنين وهي مدرسة متهالكة لاتصلح للتعامل الآدمي فما بالنا إذا تحدثنا عن دراسة أرفع العلوم وأجلها علي الاطلاق, وهي القرآن الكريم, لذا تحدثنا نحن الطلبة مع المسئولين في المعهد, فأكدوا لنا أنهم يعانون من هذه المشكلة, مشيرين إلي حاجة المعهد الملحة لمكان خاص به حتي يمكن للمعلمين والطلبة أن يقوموا بواجبهم علي أفضل وجه. وفيما يتعلق بالمناهج الخاصة بهذا المعهد وهي المناهج المخصصة نفسها لطلبة الصف الأول الإعدادي الأزهري, فكيف يمكن مساواة حجم وتوكيد المعلومات التي يحصل عليها طالب في الصف الأول الإعدادي لا يتجاوز عمره12سنة بخريجي المعلومات الذين من المفترض أن يعدهم هذا المعهد لتعليم القرآن وعلومه, إلا إذا كان واضعو هذه المناهج التي ترجع في كثير من أجزائها إلي عصور قديمة لا تتناسب مع العصر يعتقدون أن طالب الصف الأول الإعدادي يستطيع أن يقوم بدور أساسي في تعليم القرآن وعلومه. ولأنهم يدرسون لنا مناهج الإعدادي فكان من المناسب أن تتضمن شروط وأوراق الالتحاق بالمعهد تقديم شهادة ولي الأمر برغم أن لديهم صورة من شهادة التخرج الجامعية وشهادة الميلاد والبطاقة الشخصية التي تثبت أننا تجاوزنا سن الرشد؟ وحينما جاءت الامتحانات كانت الصدمة الأخري حيث وجدنا الامتحانات في كل المواد تعتمد علي قياس قدرة واحدة لدي الطالب وهي قدرة الحفظ والصم دون أي اعتبار لمعيار الفهم والذي من الواضح أنه لا يدخل في حسابات واضعي الامتحانات, وإن كان هذا الأسلوب هو مشكلة عامة تعانيها العملية التعليمية في مصر سواء الأزهرية أو العامة, إلا أنه من الأجدي لمؤسسة الأزهر العريقة أن تعمل علي تغيير هذا الوضع لتخريج دعاة علي قدر عال من الفكر والقدرة علي استيعاب الأمور بكل جوانبها وذلك لمواجهة الفكر المتشدد الذي يأخذ الأمور كما هي دون فهم أو رؤية واسعة. وصاحبت هذه الامتحانات ظاهرة أخري أعتقد أنها منتشرة في العديد من المؤسسات التعليمية وهي الغش والذي يساوي بين الذي يعلم والذي لا يعلم والأخطر من ذلك هو تبريره بأنه نوع من المساعدة التي لا ضرر منها ولا تتنافي مع حديث الرسول عليه السلام من غشنا فليس منا ويرون أن هذا الغش في الامتحان ليس المقصود من الحديث الشريف, ويفسرون القرآن والحديث وفقا لأهوائهم وهذا تأويل للنصوص وفقا للأهواء والمصالح التي لا يقبلها أي مسلم, فما بالنا بحملة كتاب الله؟ وأخيرا أكرر ندائي لإمامنا الأكبر شيخ الأزهر مع علمنا وإدراكنا بثقل المسئوليات الملقاة علي عاتقه في هذه الفترة ألا ينسي هذه المعاهد التي يمكن في حالة تطويرها أن تسهم في تخريج جيل جديد ومستنير من الدعاة قادر علي الوصول إلي دوائر مجتمعية أكثر اتساعا تتعطش إلي الفكر الإسلامي المعتدل.