أعرب الصحفي الأمريكي الشهير بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية توماس فريدمان عن أمله في أن يتفهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أن مصر الآن تحتاج من واشنطن مساعدتها . تلك المساعدة في الكيفية التي يمكن أن يتم بها التحول الديمقراطي في البلاد أكثر من مجرد تقديم الدعم المادي لها. وضرب فريدمان- في تحليل أوردته الصحيفة علي موقعها الإليكتروني علي شبكة الإنترنت أمس- مثلا ليؤكد علي أن الدعم المادي وحده لا يكفي لصناعة الديمقراطية, حيث أوضح أن مصر خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت قد حصلت من الولاياتالمتحدةالأمريكية علي أكثر من30 مليار دولار, وعلي الرغم من ذلك لم يشهد الاقتصاد المصري انتعاشا خلال هذه الفترة الطويلة بفعل ما عانت منه البلاد من ديكتاتورية واستبداد. وأورد فريدمان تجربة شخصية له في أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة بالقول أنه فوجيء بعبارة صنع في الصين مكتوبة أسفل قطعة أثرية مصرية مقلدة بأحد البازارات بمطار القاهرة, كما تعجب من أن نسبة تقترب من نصف الشعب المصري تعيش علي أقل من دولارين أمريكيين يوميا, وأن نسبة البطالة تصل إلي نحو20% بين المصريين, بينما تستورد مصر الكثير من البضائع المصنوعة بتكلفة منخفضة من الصين. وانتقل فريدمان بعد ذلك للحديث عن الجانب السياسي في عملية التحول الديمقراطي في مصر قائلا: إن القادة العسكريين في مصر تحركوا بدأب لوضع مسار جديد نحو الديمقراطية متمثل في إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل, وأن يشرف البرلمان المنتخب بعد ذلك علي وضع الدستور الجديد للبلاد, وأخيرا إجراء انتخابات لاختيار رئيس مدني. وعقب فريدمان علي هذا المسار قائلا إنه مسار متميز ومؤيد بواسطة استفتاء شعبي حر, غير أن ثورة ميدان التحرير- التي اتسمت بالشعبية والعفوية إلي حد كبير ولم يحمل لواءها فصيل أو حزب سياسي محدد- بدأت للتو في إنشاء أحزابها التي مازالت تتحسس طريقها نحو العمل السياسي في البلاد. ورأي فريدمان- بناء علي ما سبق- أن جماعة الإخوان المسلمين هي الفصيل السياسي الوحيد القادر علي خوض الانتخابات البرلمانية بثقة في ظل عدم اتساع قاعدة الأحزاب الجديدة بين المصريين. وقال إن هذا الفصيل الذي عمل لسنوات طويلة في الظل ولم يكتسب صفة الشرعية إلا بعد خروج الرئيس السابق سيؤثر استحواذه علي أغلب مقاعد البرلمان- بلا شك- علي وضع الدستور الجديد والذي قد يساعد إذا ماتم ذلك تقييد علي البلاد بدلا من اتجاهها للتحرر. وبرر الصحفي الأمريكي بذلك مخاوف قيادات الثورة التي تتسم بالوسطية والاعتدال من إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر واتجاه المصريين للتصويت لشعار الإسلام هو الحل بدلا من التصويت لبرامج إصلاحية جديدة. وأضاف أن الانتخابات الحرة نادرة في العالم العربي, فإذا ما وجدت يسعي الجميع للتصويت وليس فقط أبناء الوطن, مبديا تخوفه من تدفق الأموال من جهات خارج مصر لدعم جماعة الإخوان المسلمين. وتابع أن واشنطن لا يمكنها التدخل في شأن الانتخابات المصرية, ولكن عليها أن تتواصل مع القادة المصريين لحثهم علي الالتفات لمخاوف عامة المصريين والمتعلقة بانتخابات سبتمبر المقبل. وأشار فريدمان إلي أن الثورة في مصر لم تنته, قائلا لقد انتقلت الثورة من مرحلة النزول إلي الميادين والشوارع إلي مرحلة اختيار من سيكتب دستور مصر الجديدة. وطالب فريدمان- في ختام تحليله- فريق الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاهتمام بالتحول الديمقراطي في مصر, مشيرا إلي أن الاهتمام بالمشهد المصري أكثر أهمية من الاهتمام بالمشهد في ليبيا, لأن مسار القاهرة نحو الديمقراطية سيؤثر علي العالم العربي كله.