دشنت ثورة 25 يناير الأمل لكافة أطياف الشعب المصري لتحقيق العدالة والآمان والتفاؤل بالمستقبل، وكانت وزارة الخارجية والعاملين فيها من دبلوماسيين وإداريين مثلهم مثل باقي افراد الشعب يتطلعون لمستقبل أفضل خاصة بعد أن تم تعيين الدكتور نبيل العربي وزيراً للخارجية وهو رجل نظيف اليد وله ماضي دبلوماسي وقضائي مشرف، وتزايدت موجه التفاؤل من أجل الإسراع بالإصلاحات قبل أن يغادر إلى الجامعة العربية لتولى مسئولية أمانتها خلفا للسيد عمرو موسى. لقد كان لقاء الوزير مع الدبلوماسيين بالوزارة وتأكيده علي أن مصر بعد ثورة يناير ليست كمصر قبل هذا التاريخ، حيث أبدي تجاوباً مع جموع الدبلوماسيين بالرغبة في إجراء إصلاحات شاملة بالوزارة التي عانت علي مدار العشرون عاماً السابقة من حالة من الإنهيار علي كافه المستويات مثلها مثل باقي المؤسسات بالدولة وهو ما أمن عليه الوزير معلقاً في هذا الصدد أنه فوجئ بعدد كبير من الدبلوماسيين العاملين بمكتب الوزير وهو ما يتنافي مع اسلوب عمله اللامركزي الذي يتيح الفرصة لباقي قطاعات الوزارة بالعمل والعرض عليه مباشرة، الي جانب وجود عدد كبير أيضاً من المستشاريين الملحقين بمكتب الوزير من السفراء المحظوظين ممن تم إحالتهم للمعاش وتم تكليفهم بملفات سياسية تدخل ضمن إختصاص عدد من الإدارات السياسية الأمر الذي اوجد تضارباً كبيراً في الإختصاصات بالإضافة لإهدار المال العام في ضوء ان هؤلاء المستشاريين يحصلون علي مكافأت وبدلات باهظة، فضلاً عن العديد من الملاحظات التي الهبت حماس شباب الدبلوماسيين وإعطتهم الأمل بأن الأفضل قادم. إلا أن الرياح جاءت بما لم يكن علي البال - حيث إستطاع عدد من السفراء الذين ينتمون للعهد السابق وآخرون علي رأسهم مساعد للوزير للشئون (...) حاليا من وضع سياج حديدي حول الوزير وإقناعه برفض مقابلة جميع أعضاء السلك الدبلوماسي من دبلوماسيين وإداريين لعرض اطروحاتهم وتظلماتهم حتي الآن. بل وصل الأمر أن تمكن من إصدار قرار من وزير الخارجية بنقل نجله وكذلك دبلوماسية كانت تعمل بمكتبه وترتبط بعلاقة قرابة مع وزيرة حالية للعمل بمكتب الوزير (المتضخم بالفعل بأعداد غفيرة) وهو ما يعتبر تراجعا لما اقر به الدكتور العربى من قبل وترسيخ لما كان معمولاً به من قبل دون إعتبار لمقتضيات العمل، إلي جانب تدخله الواضح في تعديل حركة النقل العامة لصالح الدبلوماسيين العاملين معه والذين تم نقلهم الي وفد جنيف ولندن ومدريد والتي تم إقرارها في 20 ابريل 2011 بالرغم من إقرارها رسمياً من مجلس مساعدي الوزير. لقد بلغ الأمر بمد خدمة ذلك المساعد لمدة ثلاث شهور في منتصف شهر مارس 2011 السفير المذكور وهو بدرجة مساعد وزير تم بالرغم من قرار رئيس الوزاراء بعدم المد بعد بلوغ سن التقاعد ليوم واحد لإفساح المجال أمام الشباب. يؤكد الدبلوماسيين الشبان أن ذلك السفير شارك (ضمن عدد من السفراء مدير إدارة السلك ومدير الإدارة المالية ومستشار الرئيس السابق للشئون القانونية) في وضع التعديلات سيئه السمعة علي قانون السلك الدبلوماسي عام 2009 والتي هدفت في الأصل إيجاد آليه مقننه في يد عدد من السفراء وعلي رأسهم مدير إدارة السلك الدبلوماسي (وهي إدارة تتشابه في دورها لدور جهاز أمن الدولة بوزارة الداخلية) وهو شخص دائم التهديد والوعيد للدبلوماسيين بأنه سيريهم أيام سوداء بعد إقرار تلك التعديلات لإيذاء وإرهاب الدبلوماسيين ممن قضوا بالوزارة أكثر 15 عاماً دون الإلتفات الي ما قد يقع عليهم وعلي أسرهم من تعسف وإيذاء وهو ما تم بالفعل في حق إحد ى الدبلوماسيات بالوزارة والتي أصبحت علي وشك الفصل بسبب هذا السفير الذي أقسم بأنها لن تترقي لدرجة مستشار بحجة أنها غير كفء طالما هو في منصبه دون إعتبار لخدمتها بالوزارة لمدة تتجاوز ال17 عاماً. ومن المفارقات المحزنه والمحبطة أن ذلك السفير يشغل المنصب المهم بالوزارة كان له شقيق يشغل منصب مستشار الرئيس السابق للشئون القانونية وقام بتمرير موافقة رئاسة الجمهورية علي تعديلات القانون الأخيرة بالرغم من إقراره بوجود تعسف وتجاوزات في حق الدبلوماسيين ورفض عدد كبير من دبلوماسي الوزارة علي إقرار تلك التعديلات بهذا الشكل. بل وبلغ الأمر الي أن أشار أحد السفراء المقربين للوزير الحالى بأن الوزارة لن تتغير وستبقي كما هي دون تعديل أو إصلاح وأن ما صرح به الوزير خلال إجتماعه بالدبلوماسيين لإستيعابهم وإمتصاص حماسهم فقط، وهو ما حدث بالفعل في أول إختبار للسيد الوزير- حسب قولهم - حيث لم يتم إستشارة الدبلوماسيين في الدول المنقولين اليها قبل صدور الحركة علي عكس ما أشار به الوزير العربى وتم تشكيل لجنه سرية - في التسمية فقط حيث كان الجميع علي علم بأعضائها بل أن عدد من أعضائها كانوا يرددون دائماً أنهم أعضاء باللجنة- وغير معلوم بالدور الذي قامت به حتي الآن. في ضوء ما سبق يسود حالياً جو من التشاؤم والغليان داخل الوزارة علي كافة المستويات مما يحدث لإستمرار الفساد في التغلغل مرة أخري داخل أروقة الوزارة بأشكال مختلفة. الا يحق للدبلوماسيين الإستماع لهم والإستجابه لتطلعاتهم خاصة مع وجود وزير بقيمة وقامة الدكتور نبيل العربى الذى كان يشغل منصب قاضي دولي رفيع المستوي يسعي دائماً لإقرار العدالة وتنفيذ الإصلاحات اللازمة؟ هل كان يجب علي الدبلوماسيين أن يلجأوا للاعتصام حتي يجدوا من يستمعون لهم؟ الوزير هو منصب سياسي في المقام الأول ولكن في تلك المرحلة غير المستقرة هناك مسئولية علي الوزير للتدخل لإجراء الإصلاحات اللازمة أو أن يقوم بتحديد أحد المشهود لهم بالكفاءة والعدالة لإقرار النظام العادل بالوزارة. وبالرغم من ذلك فما زال الدبلوماسيون يقدرون شخص الوزير لتاريخه المشرف وكونه رجل عدل وإنصاف قبل أن يكون رجل سياسية ورغبته في أن يكون منصب الوزير سياسياً فقط ودون التدخل في إدارة المؤسسة، ويتطلعون لتدخل الوزير العاجل لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والإستماع لهم للحالة المزرية التي تعيشها الوزارة وتتطلب تتدخل جذري وحاسم لتحقيق العدالة والإنصاف للعاملين بها بإعتبارهم أبناء للوزارة بالاضافة الي أهمية تحجيم دور بعض قيادات الوزراة السابقين ممن لايزالون في مناصبهم ومستمرين في التعامل مع الدبلوماسيين بمنطق الجلادين والتهديد للعاملين بالوزارة دون إعتبار للجوانب الإنسانية. هذا فضلاً عن ضرورة تدخله لفتح كافة ملفات الفساد داخل الوزارة بالقطاع المالي والإداري وبإدارة السلك الدبلوماسي والتي لم يتعرض لها أحد من الوزراء السابقين أو المسئولين بالوزارة بدعوي عدم فضح المؤسسة أمام الراي العام مما شجع علي تفشي الفساد والتجاوزات داخل بشكل أصبح يهدد العمل بها. هذا مجرد قليل من كثير نهمس به فى أذن السيد وزير الخارجية لتنفيذ ما وعد به من إصلاحات قبل أن يترك منصبه للجامعة العربية، وحتى لا ينضم الدبلوماسيون الذين يستشعرون الظلم لاحتجاجات الفئوية التى تجتاح البلاد أو ينفذوا تهديدهم بالاعتصام.ش