عالجت الدولة بعض الأحداث ذات الصبغة الطائفية التي تفجرت مؤخرا بشكل يجافي الحكمة السياسية منها إرسال مشايخ السلفية والإخوان أمثال محمد حسان وعمرو خالد وصفوت حجازي وغيرهم لحل مشاكل أحداث اطفيح.. فهل تنازلت حكومة الثورة عن مسئوليتها لكي توكل هؤلاء. عنها وهو الأمر الذي ولد لدي الأقباط شعورا بسلبية الدولة تجاههم حين أعطت مساحة للتيارات الإسلامية في بسط نفوذها وحل مشاكل من هذا النوع علي حساب أبناء الطائفة المسيحية في الوقت الذي تتعايش فيها90 جماعة عرقية ودينية في دولة مثل اثيوبيا في اطار دولة متماسكة الي حد ما كمايقول الدكتور جمال ضلع في كتابه الدولة وازمة الشرعية. لابد من الاعتراف بان الجبهة الداخلية في خطر بسبب الاحتقان وهو ماسيؤدي إلي مزيد من المصادمات في حالة عدم الاسراع في علاجها لان المشكلة اكبر من فلول النظام السابق وأنصار الثورة المضادة فأحداث الخانكة والزاوية الحمراء لم تكن وراءها فلول النظام بل كان وراءها ثقافة عدم قبول الآخر. من ناحية أخري فان اتهام السلفية بصورة مطلقة بأنهم وراء الفتنة في مصر يجافي الحقيقة لان الاتجاه السلفي متعدد التيارات وليسوا جميعهم متشددون بل ان الفصيل المتشدد منهم هو المرتبط بما يعرف بالسلفية الجهادية وهم من يتبنون قضية كاميليا شحاته. ولابد من الاعتراف بالدور الذي يلعبه الخارج في تذكية هذا المناخ الطائفي لأحداث حالة من عدم الاستقرار الداخلي واستقطاب الأقليات لتكون أداة ضغط علي الدولة بهدف التدخل لاستكمال حلقات مخطط تقسيم منطقة الشرق الأوسط وهذا المخطط جري تنفيذه بنجاح في العراق والسودان. ولابد ان نتفق انه لا يمكن للمريض تناول الدواء قبل تشخيص الداء فالذي أصاب جسد الوحدة الوطنية عوامل عديدة من بينها غياب رجال الدين المعتدلين من الأزهر والأوقاف والكنيسة في المناطق القروية والشعبية التي تشهد أحداث طائفية وتتغلغل فيها الأفكار المتشددة التي تجد في ميل القرويين للتدين تربة خصبة لبث أفكارها المتعصبة في ظل وجود خطاب سلفي أصولي رافض للاخر يبث أفكاره خاصة عبر الفضائيات وأدي ذلك إلي رفضه لقيام الآخر بممارسة حقه الدستوري في بناء المنشآت الكنسية وأداء شعائره مما ولد شعورا بالاضطهاد لدي أبناء الطائفة وزاد من عمقها اختفاء الخطاب الديني الذي يدعو إلي التسامح والتعايش واستبداله بخطاب معاد وكاره لكل ماهو آخر مما أدي إلي تشويه صورة وشخصية المسلم الدينية رغم أن90% من العناصر التي تشارك في الأحداث الطائفية هم من غير المتدينين لكنهم متأثرون بهذا الخطاب المتشدد. كما ان لجوء الأجهزة الأمنية للجلسات العرفية في حل المشاكل الناجمة عن الطائفية يضعف هيبة الدولة ويصادر دورها لصالح رؤوس العائلات كأننا في ظل منظومة قبلية وليست دولة كما يسهل للمعتدي الإفلات بجريمته وتضيع حقوق المعتدي عليه مما يدفعه الي اللجوء للكنيسة لمساعدته وحمايته ومن هنا تحل الكنيسة محل الدولة في حل مشاكل أبنائها بقوانين الكنيسة وليس بقوانين الدولة مما يعطي صورة ذهنية لدي المسلمين بأن الكنيسة فوق القانون وأنها تمثل الدولة الموازية في تعاملها مع أبنائها. التأثيرات السلبية للتناول الاعلامي العشوائي والانتشار الواسع لاستخدام شبكة الانترنت علي الأمن القومي خاصة قضايا الطائفية في ظل غياب الرؤية الاعلامية الثابتة للدولة وغياب المعلومات هو ماأفسح المجال أمام الاعلام الخاص لتناولها بشكل غير مدروس مماقد يسهم في تعقيد المشكلة وتفاقمها. لابد من فتح كل الملفات التي أدت الي الاحتقان الطائفي فهل تعلمون ان مصر هي الدولة الوحيدة في العالم المثبت بهوية مواطنيها خانة الديانة؟ المزيد من مقالات نبيل السجينى