يواجه اتحاد كتاب مصر عاصفة تهدد مستقبله, فعقب الانتخابات التي جرت مؤخرا وأسفرت عن احتفاظ نصف أعضاء مجلس إدارته القديم بمواقعهم, ثار الكثير من أعضائه. وطالبوا بتكوين مجلس مواز, وعقد مؤتمر للمثقفين للبحث في آلية تكوين كيان يعبر عنهم بعيدا عن سيطرة وزارة الثقافة التي يري البعض أن الثورة المجيدة لم تصل إليها... وقد استطلعت الأهرام رأي عدد من الكتاب. تقول الروائية سلوي بكر: يجب أولا تعريف من هو الكاتب وتوصيفه, قبل أن يسمح له بالانضمام إلي عضوية الاتحاد, لأن المشكلة التي تهدد استمرار دور الاتحاد تنحصر في جمعيته العمومية التي هي بمثابة العموده الفقري, فالكثير من أعضائه لا ينطبق عليهم توصيف كاتب, لذلك أسفرت الانتخابات التي جرت مؤخرا عن اختيار مجلس لا يعبر عن الكتاب بشكل صحيح. وأضافت بكر: خلال آخر جمعية عمومية للاتحاد قبل أن يقدم أعضاء المجلس استقالاتهم, طالبت بضرورة إعادة النظر في تعريف الكاتب.. ولكن ليس كل ما نطالب به من إصلاحات يلقي آذانا صاغية, فإصلاح اتحاد الكتاب يبدأ أولا من تصحيح جمعيته العمومية, وتنقية جدول الاتحاد, فمن غير المعقول أن يكون عدد أعضاء الاتحاد يقارب ثلاثة آلاف عضو ويعجزون عن اختيار مجلس يمثلهم ويدافع عن مصالحهم. وتؤيد سلوي بكر فكرة تكوين اتحاد كتاب مواز, مع ضرورة تجنب سلبيات المجلس الرسمي, و يكون صورة حقيقية معبرة عن طموحات وآمال اعضائه, وألا تكون عضويته لكل من تصور أنه كاتب. والفكرة قابلة للنجاح- هكذا تؤكد سلوي بكر إذا شارك أغلب الكتاب في تفعيلها ولكي يتمكن الاتحاد الوليد من الدفاع عن حقوق أعضائه, ومشاكلهم النوعية مثل حقوق الملكية الفكرية والنزاعات التي تتعلق بحقوق الأعضاء في مجال النشر, أيضا والأهم من كل ذلك العمل علي ضمان حرية التعبير, وأن يكون دور التكوين الجديد للمثقفين كيانا فاعلا في المجتمع. وعن بداية أزمة اتحاد الكتاب يقول فاروق عبد الله عضو الاتحاد: جاءت نتيجة الانتخابات الأخيرة نزيهة من حيث الشكل, أما من حيث الموضوع فهي تمثل مأساة, تولد لدي انطباع بأن ثورة25 يناير لم تحقق أهدافها, ولم تنعكس علي أداء اتحاد كتاب مصر, وتأكدت أننا نحتاج إلي ثورة جديدة لإرساء قواعد العدالة وتكافؤ الفرص التي غابت عن انتخابات الاتحاد وتمثلت في ضيق الوقت ما بين الترشح وإجراء العملية الانتخابية, وقد شهدت هذه الانتخابات تزايد أعداد المرشحين قارب عددهم المائة ولم يتسني لهم الاعلان عن برامجهم الانتخابية ولا عقد ندوات وعرض برامجهم الانتخابية ولا حتي التعريف بأنفسهم فأغلبهم يفتقدون الشهرة, وكان المطلوب اختيار ثلاثين عضوا من المائة, فاضطر أغلب أعضاء الاتحاد إلي اختيار من يعرفون تاريخهم واستكملوا العدد المطلوب بأسماء غير معروفة فأدي ذلك إلي اختيار مجلس يفتقد نصف أعضائه رصيدا كافيا من الخبرة في العمل النقابي ويدلل علي ذلك بعدم فوز اسم معروف وهو محمد السيد عيد نائب رئيس الاتحاد السابق. وأضاف أن معظم أعضاء المجلس المنتخب قضوا في المجالس السابقة أكثر من خمس دورات. ويشير عبد الله إلي أن أزمة الاتحاد تنحصر في قانونه, فمادته الأولي تقول: ينشئ في جمهورية مصر العربية نقابة تسمي اتحاد للكتاب, فليس معلوما هل هو نقابة أم اتحاد والمطلوب سرعة وضع قانون جديد يصحح الأوضاع لكي يتمكن الاتحاد من القيام بدوره في خدمة الكتاب والمثقفين. ويري عبد الله في دعوة إنشاء اتحاد مواز فكرة لا غبار عليها, ويجب أن تعمم هذه الفكرة في جميع مؤسسات الدولة ليتمكن الشعب من ممارسة رقابته علي المؤسسات العامة, وأن يخرج الجميع عن صمتهم الطويل ويشاركوا في العمل العام. مبديا استغرابه مما يشهده مجتمع المفكرين يقول الشاعر عبد المنعم رمضان: منذ أن بدأت المشاركة في الحياة الثقافية, والدعوة لتكوين اتحاد كتاب مستقل تظهر وتختفي, عاصرت الدعوة خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات.. وحتي اليوم, وهي دعوة لا أجرمها ولا يعني استغرابي من تلك الدعوة ما قد يفسره البعض بأن ذلك يعني تأييدا لاتحاد الكتاب الرسمي, ولكن ما يثير استغرابي ويجعلني متشككا في دوافع بعض المثقفين, الداعين لتشكيل اتحاد مواز, تنحصر في طريقة دعوتهم, من خلال مجموعة من المثقفين, الذين لا يزيد عددهم علي عشرة أشخاص, يجلسون في مكان ما, ويجعلون من أنفسهم أوصياء ومتحدثين باسم جموع الأدباء والكتاب والمثقفين. وأضاف قائلا: ولأن الموضة هذه الأيام أن تسمي كل الأشياء ائتلافا فكان أقرب مسمي ائتلاف الأدباء والكتاب رغم أن عددهم كما أسلفت لا يتعدي العشرة أشخاص, وسرعان ما يحددون موعدا لعقد ما اتفقوا علي تسميته مؤتمرا ثقافيا للأدباء والكتاب والمثقفين رغم أن أغلب الداعين لعقد هذا التجمع كانوا جزءا مهما من المنظومة الثقافية للنظام السابق. ويري رمضان أن الدعوة سواء لتكوين اتحاد مواز أو عقد مؤتمر للمثقفين هي دعوة نبيلة, ولكن الدعاة يفسدون نبل الدعوة فأين جموع الكتاب والمثقفين والأدباء من تلك الفكرة. ويرجع رمضان الفكرة إلي رغبة البعض في الظهور في المشهد العام, فشهية الباحثين عن منصب أو وظيفة صارت خطرا علي الأهداف النبيلة وعلي الثورة.