هو موفق الدين أبو العباس أحمد بن سديد القاسم بن خليفة المعروف بابن أبي أصيبعة. ولد في دمشق سنة1203 م زمن الملك العادل شقيق صلاح الدين الأيوبي وهو سليل أسرة أشتهرت بالطب وهو من أشهر أفراد الأسرة, وقد نشأ في بيئة حافلة بالدرس والتدريس والتطبيب والمعالجة, ويعتبر من أهم المؤرخين لتاريخ الطب عند العرب تتلمذ علي يد أئمة العلم في دمشقوالقاهرة ومنهم والده قاسم وعمه رشيد الدين والشيخ مهذب الدين الدخوار والحكيم عمران بن صدقه والعالم النباتي الشهير ابن البيطار مؤلف( جامع المفردات) تلقي علومه النظريه والعمليه في بيمارستان( مستشفي) النوري بدمشق متخصصا بطب العيون لكنه رأي أن ماعند والده في هذا التخصص لاتكفي فرحل الي القاهرة والتحق هناك بالبيمارستان الناصري الذي أنشأه صلاح الدين الأيوبي في عاصمة الديار المصرية وفيه أستفاد من دروس السديد ابن أبي البيان الطبيب الكحال ومؤلف كتاب الأقرابازين المعروف بإسم الدستور البيمارستاني. وكان من زملائه في البيمارستان الناصري واحد من أشهر أطباء العرب ومكتشف الدورة الدموية الصغري هو العالم الكبير أبن النفيس. أخذ ابن أبي أصيبعة يعمل بمنتهي الجد في تحصيل العلم فاشتهر بمعرفته وحسن معاملته للمرضي ومداواته لأمراض العيون. وبلغت شهرته الأمير عز الدين ايبك المعظمي الذي دعاه إلي صلخد جنوبدمشق بسوريا وأنخرط في خدمته وبقي فيها حتي توفي سنة1269 م. كان ابن أبي أصيبعة طبيبا ناجحا لكن شهرته الأساسية تعود لكتابه الذي أسماه( عيون الأنباء في طبقات الأطباء) الذي بعتبر من أهم مراجع تاريخ الطب عند العرب, إذ لم يضع أحد سواه معجما تاريخيا للأطباء فقد أرخ هذا الكتاب لما يزيد عن خمسمائة طبيب منهم أربعمائة طبيب عربي فذكر فيه أخبارهم وأشعارهم ونوادرهم وتفاصيل شخصية عنهم, فيبدأ أولا بتعريف الطبيب ثم يذكر مؤلفاته مع تفصيل لأهم تلك المؤلفات, ثم يذكر أقواله وآراءه, محددا نظرياته في الطب وتجربته وأسلوبه في المعالجة ونوادره من خلال حياته العملية جعل ابن أبي أصيبعة كتابه في خمسة عشر بابا الخمسة الأولي منها تتناول كيفية وجود صناعة الطب, وطبقات الأولين في الصناعة, وطبقات أطباء اليونان من نسل أسقليبيوس إله الطب عند اليونان الي أيام جالينيوس ثم يتحدث في الأبواب العشرة الباقية عن الأطباء الإسكندريين والأطباء العرب في أول ظهور الإسلام والأطباء السريان في ابتداء ظهور بني العباس ونقل الطب من اللسان اليوناني الي العربي كما يتحدث عن أطباء العراق والجزيرة وفارس وأطباء الهند وأطباء المغرب والأندلس وأطباء مصر وأخيرا يتناول المشهورين من أطباء الشام. لذلك أصبح كتابه من أفضل ماكتب في هذا الموضوع حتي يومنا هذا فهو أثر جليل لا يستغني عنه أحد من المؤرخين لأنه مرجع شامل يقدم صورة واضحة عن الحياة الاجتماعية والعلمية للعالم العربي في تلك الحقبة من الزمن ويعتبر مصدرا هاما لدراسة تاريخ الحركة الثقافية وتطور الحضارة العربية الإسلامية, ولقد راجع مخطوطات هذا الكتاب النفيس المستشرق الألماني الشهير مولر وطبعه بالمطبعه الوهبيه بمصر سنة1882 وهكذا نجد أنه بفضل أبن أبي أصيبعة يمكننا التعرف الي أحوال الطب والتطبيب في عصر النهضة العلمية العربية والي أخبار المشاهير من الأطباء العرب وتطور المستشفيات عندهم وأسماء كتبهم الطبية ومضمونها وكثير من دقائق مآثرهم التي تجعلنا نقر لهؤلاء العلماء بفضلهم في حفظ التراث الثمين ونقله من جيل الي جيل. [email protected]