اتخذت المحكمة الإدارية العليا قرارا تاريخيا بحل الحزب الوطني الديمقراطي وتصفية أمواله ورد مقاره وممتلكاته للدولة بعد أن أفسد الحياة السياسية في مصر علي مدي أكثر من ثلاثين عاما وهيمن عليها بشكل كامل وفردي. فقد عمل الحزب علي حرمان مصر من أي مفردات حزبية أخري تسهم في إثراء الحياة السياسية. وسخر الحزب جميع أجهزة الدولة وهيئاتها بشكل كامل للعمل لصالحه وكان ذلك سهلا ويسيرا للغاية في ظل غياب قيادة سياسية وطنية تفصل بين ما للدولة وما للحزب فاختلط الحابل بالنابل خاصة مع كون الرئيس السابق حسني مبارك رئيسا للحزب وهو ما أتاح له فرصا ومزايا بشكل غير شرعي لم تتوافر لغيره من الأحزاب. وكرس الحزب لمبارك الاحتفاظ بالسلطة والاستبداد والديكتاتورية مقابل احتكار الحزب للحياة السياسية التي تدر علي رموزه مصالح ومنافع لا تنقطع واحتكر الحزب بالتزوير إرادة وأصوات المصريين وأفسد الحياة السياسية والعامة وفرض وجوده علي المشهد السياسي بقوة المال ونفوذ سلطة الحكم وأجهزة الأمن. فضمن هيمنة شبه كاملة عن طريق التزوير تاره وممارسة البلطجة وأعمال التخويف وإرهاب الناخبين تارة وبشراء أصوات الناس تارة أخري وكفل له زواج المال والسلطة قوة ونفوذا لا حدود لهما حيث ضم كبار رجال الأعمال إلي صفوفه أمثال أمين التنظيم المسجون حاليا أحمد عز وغيره ممن وجدوها فرصة لخدمة مصالحهم الخاصة. وبدون شك فإن هذا القرار التاريخي يعد بمثابة خلاص وتحرر لمصر من فساد الحزب الوطني وتطهير للحياة السياسية ومؤشر علي بداية عهد جديد وانطلاقه لتجديد دماء الحياة الحزبية في مصر وهذا بالطبع لم يكن يحدث لولا ثورة52 يناير العظيمة فقد كان المواطن المصري قد سئم الحزب الوطني وعزف عن الحياة الحزبية والسياسية واعتزلها لما تنطوي عليه من فساد عريض فقد معه الأمل في ظل هيمنة الحزب الوطني وعمله علي اضعاف باقي الأحزاب وتهميش دورها ومن المهم عدم السماح لرموز وقيادات الحزب الوطني, الذي أفسد الحياة السياسية وأهان واستخف بإرادة وعقول المصريين وأسهم في معاناتهم, للالتفاف علي حكم القضاء بحل الحزب بالعودة مجددا وتوحيد صفوفهم وكوادرهم والظهور مرة أخري تحت مسمي جديد. فجميع الدول الديكتاتورية التي تحولت إلي الديمقراطية جمدت أنشطة الحزب الذي أفسد البلد وقد أقدمت تونس لحماية ثورتها وضمان نقاء الحياة السياسية علي حل حزب التجمع الدستوري حزب الرئيس المخلوع زين العابدين وحظرت جميع رموزه من ممارسة العمل الحزبي والسياسي وتلك الخطوة مصر في حاجة ماسة إليها فيما يتعلق بالحزب الوطني. فمن الضروري اتخاذ قرار هام ومكمل لحماية الحياة السياسية في مصر من تسلل العناصر الفاسدة إليها مرة أخري يجب تجميد رموز الحزب الوطني وكوادره خاصة من أعضاء لجنة السياسات وكذلك جميع أعضاء مجلس الشعب من الحزب الوطني والذين وصل أغلبهم إلي مقاعدهم عن طريق التزوير وشراء الأصوات. وبهذا الاجراء تتاح فرصة حقيقية لتطهير الحياة الحزبية وتهيئة المناخ الصالح وخلق حياة سياسية ديمقراطية سليمة في مصر وعدم عودة الوجوه نفسها تحت مسميات جديدة. المزيد من مقالات احمد صبر السيد