فجرت ثورة52 يناير كوامن مشاعر التغيير التي حاول النظام البائد كبتها من أجل استحلاب خيرات البلد لمصالحه وأعوانه الظلمة الغاشمين, الذين ماتت ضمائرهم ومشاعرهم الانسانية, فلم يعد لهم من هم إلا جمع المال وبأي وسيلة. وتحت أي بند, وهم لايدرون أن الله لا يغفل ولا ينام, وإنما يمهل الظالم حتي إذا أخذه لم يمهله, وهذا ما حدث لهؤلاء الظالمين بعد هذه الثورة, وقد ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب, فهوت قلاعهم وتشرذمت أفئدتهم هواء, فزالت دولة الظلم والطغيان وطواهم التاريخ في سلة المهملات غير مأسوف عليهم. ولكي ننطلق نحو آفاق أرحب في الديمقراطية وحرية الفكر والابداع كما في التجربة الغربية بعد الخروج من ربقة استعباد القرون الوسطي, وبعد الثورة الصناعية الحديثة وما نتج عنها من إعادة صياغة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية علي أسس المشاركة والتكافؤ بين جميع القوي المجتمعية, علينا أن نجعل من المجادلة السياسية( الحوار البناء) محركا أساسيا لطاقات المجتمع خاصة أن الكلمة السياسية في البرلمان مسئولة عن مستقبل المجتمع في بناء دولة فاعلة وخلاقة وحية, الأمر الذي يقتضي وجود برلمان تتجادل فيه الآراء, ويتحاور فيه النواب بانفتاح كامل وتحقيق التوافق بين المتناقضات وتصحيح وتعديل السياسات المجتمعية في إطار من التسامح ونبذ العصبية والتعصب للرأي أو الفكر. وكلما ازداد تفعيل ردود حرية الرأي والتعبير في معالجة جميع قضايا المجتمع ازدادت اللحمة الاجتماعية صلابة ومتانة, بشرط أن يكون ذلك في إطار إستراتيجيات عامة بعيدا عن الأنانية والفردية أو الولاءات العصبية أو تحقيق المصالح الشخصية البحتة, وهذا من شأنه أن يحقق إرساء مبدأ قوي في دولة مدنية معاصرة في إطار مفهوم: الاختلاف المتكامل الذي فيه تتعاون كل الأطياف السياسية وبشكل متكامل, بحيث يحافظ كل طرف علي الآخر لارتباط مصالحهما من منطلق أنه لا مهزوم ولا هازم. إنه في ظل التكامل بين جميع الأطياف السياسية في المجتمع يتخلص الجميع من سلبية العنف المتبادل, وتسود روح العقلانية الخلاقة في تحصيل المعارف والعلوم التي هي أساس بناء الحضارة والإنطلاق نحو التقدم وتحقيق النهضة المنشودة, ومن المهم أن تعمل هذه الروح الخلاقة تحت ظلال حرية المجادلة( الحوار البناء) للوصول إلي الحقيقة التي يتوافق عليها أصحاب كل الآراء وجميع الاطياف السياسية في المجتمع, وهو ما يؤدي حتما إلي عدم عودة الحكم المستبد الذي هو أس كل بلاء يعصف بكيان الدولة أو المجتمع وبالفرد ذاته. علينا أن نطرح عن كاهلنا أثقال سلبيات الماضي ونتنفس الصعداء, ونستنشق هواء الحرية وننطلق بروح رياضية للعمل التنافسي الشريف لبناء مجتمع جديد لا مجال فيه للاستغلال أو الفساد, بل هو مجتمع قوامه التعاون والمحبة بين الجميع, وهو الأمر الذي كان أساس نجاح ثورة52 يناير.1102 المزيد من مقالات عبد الجواد على