في بلاد مثل بلادنا تختلط كل الأشياء ببعضها, حتي يصبح من المستحيل أن نفرق بين السياسي واللص. بين الشيخ والكذاب.. المثقف والمدعي.. الفنان والأراجوز.. الشاعر والمنافق. كل الأشياء تماهت فالرئيس الذي كان عليه أن يحمينا, سرقنا كأخس لص, وأضاع الأحلام والمستقبل بالخطب الكاذبة. وهو ما فعله الوزير والسياسي والمفكر والإعلامي.. فالكل لصوص أو يبحثون عن فرصة. المفكر الذي بني مجده من دفاعه عن القطاع العام جاء الولد واشتري القطاع العام في صفقات مع ابن الرئيس الأكثر فسادا, فضاع تاريخ الأب في الفكر والسياسة مثلما ضاع تاريخ الرئيس الحربي علي وقع الصفقات والعمولات المشبوهة. لا فرق بين ابن الرئيس وابن الوزير وابن المفكر. الكل لصوص.. ولا عتب علي التربية لأننا جميعا لا نحسن الأدب. الكل باع واشتري ونافق بالكلمة والإيماءة والصوت والصورة والخطبة والمنبر وحتي بالصمت. كل شيء كان له ثمن, المقال والعمود والمنصب والبرنامج والفقرة والصورة والتحقيق.. وبدلا من دعه يعمل دعه يمر.. أصبح.. دعه يخدع دعه يمر.. وكلما كان الخداع للبسطاء كبيرا كان المنصب والمكافأة أكبر.. هكذا كانت تحكم مصر قبل ثورة25 يناير. الكل لصوص أو يحاول أن يكون.. اليمين واليسار الشيخ والقسيس.. الكاتب والقارئ الموظف والعامل.. كل يسرق بطريقته.. وجاءت كيوم القيامة.. الجميع عراة.. ولا شرفاء إلا من عصم ربي.. وهم قليل. عرفنا كل أنواع اللصوص لكن التاريخ لم يكتب عن عصابة حكمت وأرادت أن تحول أفراد المجتمع من رجالها.. فنجحت مرة وأخفقت مرات.. لكنها لم تيأس أبدا. كانت العصابة الدولة.. تصنع الحكومة والمعارضة والفنان والموسيقار ولاعب الكرة والمدرب.. كل يعزف ويلعب بطريقته ثم يمرر الكرة الي رئيس العصابة االدولةب ليسدد الهدف الي أرصدته وأرصدة أبنائه في بنوك العالم, ونحن الفقراء نقف طوابير في الشمس وفي البرد أمام رغيف الخبز وأنابيب البوتاجاز ليخرج علينا كاتب يدعي أنه مستقل فينتقد تلك الطوابير بينما هو يعيش في مزرعته يلعب الجولف ويحكي لنا عن صدقاته بزعماء العالم الحر ثم يغمز حاكمنا المستبد ونحن نصفق لشجاعته رغم أنه لا شجاعة هناك: أيها السادة لقد سقطت الأقنعة.. لكن هناك من يبحثون عن القناع الجديد.. قناع الثورة ليصبحوا ثوارا.. فمن كانوا يكتبون تقارير ضد البرادعي وبسطويسي أصبحوا الآن يريدون أن يتحدثوا باسمهم, وأحيانا يكتبون الأعمدة في مدحهم. إنهم فقط يغيرون الولاءات.. لا فرق عندهم بين أمن الدولة ومن كان يراقبهم أمن الدولة.. فهم رجال من غلب فمن يحمي هذا الوطن من لصوص السياسة أما اللصوص الآخرون فالأمن كفيل بهم. المزيد من مقالات محسن عبد العزيز