في الوقت الذي حذر فيه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة من وقوع المزيد من الحوادث النووية المروعة مالم تتعاون دول العالم لتفادي حدوثها, أطلقت ايطاليا مبادرة نووية أوروبية جديدة تهدف لاعادة صياغة معني الأمان بالمفاعلات النووية الأوروبية. و أوضح باولو روماني وزير التنمية الاقتصادية في جلسة مجلس الشيوخ التي استمرت لساعات مساء أمس, أن المبادرة الجديدة ترتكز علي ثلاث نقاط: المشاركة في وضع معايير أوروبية جديدة للسلامة النووية, والمشاركة الاستثمارية, و المساهمة العلمية من أجل طاقة نووية جديدة. و اضاف روماني أن القرار الذي اتخذته الحكومة الإيطالية بوقف البرنامج النووي و المعروض امام البرلمان- يعزز موقف ايطاليا علي الساحة الأوروبية في ظل الجدل المحتدم بالاتحاد حول الطاقة النووية بعد حادث التسرب بمفاعل فوكوشيما النووي باليابان وهو ما تزامن مع تأييد مجلس الشيوخ قرار الحكومة وقف البرنامج النووي للبلاد, و الغاء كافة الترتيبات التي من شأنها اعادة انشاء مفاعلات نووية. وذلك بموافقة أغلبية331 عضوا بالمجلس ومعارضة401 وامتناع14 عن التصويت. و تمت احالة القرار الي مجلس النواب للتصويت عليه وصياغته كقانون بحلول30 مايو المقبل كموعد أقصي. وأكد روماني ضرورة مشاركة روما الفعالة في الحوار النووي الأوروبي, حيث ان أمن و سلامة المواطن الايطالي يعتمد ايضا معايير أمان الطاقة في سائر دول الاتحاد المتلاصقة. وكان جوليو تريمونتي وزير الاقتصاد الايطالي قد دعا في كلمة أمام البرلمان الأوروبي ببروكسل الثلاثاء الماضي الي انشاء مشروع أوروبي موحد للطاقة المتجددة و تنسيق البحث العلمي المشترك عن مصادر بديلة للطاقة علي ان يتم تمويله بالسندات الأوروبية. وفي الوقت نفسه, أكدت الحكومة الايطالية علي لسان ستيفانيا برستيجياكمو وزيرة الطاقة و أمبرتو فيرونيزي رئيس وكالة الأمان النووي الايطالي, ضرورة المضي قدما في أبحاث الطاقة النووية, بما يضمن عدم خروج ايطاليا من مسيرة التقدم العلمي للعالم المتحضر. وبالرغم من ردود الفعل الأولي المرحبة بالخطوة الحكومية, صوتت أحزاب المعارضة بمجلس الشيوخ ضد القرار و علي رأسها الحزب الديمقراطي اليساري و حزب ايطاليا القيم, وحزب اتحاد الوسط. و اتهمت المعارضة الحكومة الايطالية بممارسة خداع الشعب, و أكدت أن الصيغة التي جاء بها قرار الحكومة لا تنص علي التخلي عن المشروع النووي بشكل واضح و انما تناور تكتيكيا لكسب الوقت بحيث تحفظ المشروع داخل الدرج في الوقت الراهن لاعادة طرحه مرة أخري في أقرب فرصة. و اشارت الي المخاوف التي ساورت الائتلاف الحاكم ازاء نتيجة الاستفتاء الذي كان مقررا في21 يونيو القادم تزامنا مع موعد الانتخابات المحلية. وللمرة الأولي, تظاهر عمال الطاقة أمس و اعتصموا أمام مقر وزارة التنمية الاقتصادية بمشاركة العديد من رجال الصناعة و الأعمال و الناشطين البيئيين الذين توافدوا من أنحاء البلاد, وذلك احتجاجا علي قرار الحكومة الذي تضمن مراجعة الحوافز الممنوحة للطاقة المتجددة ووضع سقف سنوي لها. و اعتبروا أن من شأن ذلك القضاء علي صناعة الطاقة المتجددة بأكملها و توقف مصانع عن العمل. يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة لتحسين مستوي التعاون الدولي لتأمين المنشآت النووية, والتي تحولت إلي ضرورة ملحة في عالم متلهف للحصول علي أطنان هائلة من الطاقة النظيفة. وأوضح خلال مؤتمر في كييف لإحياء ذكري انفجار مفاعل تشيرنوبل, أنه لابد من حساب المخاطر والتكاليف التي تستدعي الحصول علي هذا المورد من الطاقة النظيفة. ومن ناحيته, أعلن نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا دينيس فلوري أن المنظمة سترسل أول بعثة تقصي حقائق لها إلي محطة فوكوشيما النووية قبل اجتماع السلامة النووية المقرر انعقاده في فيينا الشهر المقبل. وعلي صعيد الأزمة النووية اليابانية المشتعلة, اعلن رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان إن بلاده قررت حظر الدخول للمناطق التي تقع في محيط20 كيلومترا حول محطة فوكوشيما النووية المنكوبة. وذلك كإجراء يهدف لحماية المواطنين الذين عادوا إلي منازلهم خلال الأيام الماضية للاطمئنان علي ممتلكاتهم. وكانت الحكومة اليابانية قد أكدت انها ستسمح بعودة من تم إجلاؤهم إلي منازلهم لفترات قصيرة, بعد أن أشارت شركة طوكيو إلكتريك باور تيبكو, االمسئولة عن تلك المحطة النووية, الي ان الأمر سيستغرق من ستة إلي تسعة أشهر للسيطرة علي المفاعلات المنكوبة. وقال المتحدث باسم الحكومة, يوكيو إيدانو, خلال مؤتمر صحفي إن الحكومة ستسمح لشخص واحد فقط من كل أسرة بالعودة لمدة ساعتين فقط, وستقوم الحكومة بإمدادهم بملابس واقية وستجعلهم يحملون أداة لقياس مدي تعرضهم للإشعاع. وترجع التسربات الإشعاعية إلي تعطل أنظمة التبريد بسبب الكارثة التي وقعت الشهر الماضي مما أدي لارتفاع درجة حرارة المفاعلات وو قوع انصهار جزئي, و انفجارات. وقالت الشركة إن المواد الإشعاعية التي تسربت في البحر من المفاعل2 تقدر بنحو5000 بيكريل, أي أكثر من20 ألف ضعف الحد السنوي المسموح به.