ديختم مساء بعد غد الجمعة مركز الابداع الفني بدار الأوبرا فعاليات أسبوع الفيلم التركي, الذي قدم مجموعة من الافلام أظهرت طبيعة السينما التركية من حيث التصوير والإخراج والموضوعات المطروحة بها, والتي تميزت بأنها مزيج بين التناول الإنساني والاجتماعي, ولعل فيلم عسل الذي حصد جائزة الدب الذهبي كأحسن فيلم في مهرجان برلين عام2010 قدم نموذجا جيدا للسينما التركية الجديدة لما قدمه المخرج سامح كوبلان أوغلو من رؤية اخراجية مميزة ابرزت احساسه بالاضاءة وزوايا التصوير وساعده مدير التصوير بحساسيته في إبراز معاني الصورة بشكل سلس إلي المتلقي.. خاصة ان الفيلم أعتمد علي مساحات كبيرة من الصمت المقصود دراميا, ليستغل الممثلون هذه المساحة في إبراز الجوانب النفسية العميقة لأدوارهم التي كشفت طبيعة الأسرة التركية الفقيرة من خلال معاناة أسرة فقدت عائلها في ظروف غامضة وتأخذ الأم في البحث ويفكر الطفل المرتبط بوالده ماذا يفعل إلي أن يعرف بوجود جثة والده فيقرر اقتحام الغابة التي كان والده ينصب بها بيوت النحل لصناعة العسل رافضا فكرة موت والده ومنتظره.. رغم مفاجأة الفيلم الفوز بالدب الذهبي لشدة منافسة الأفلام التي شاركت في المسابقة الرسمية, إلا أن الفيلم استطاع أن يظهر تيار سينمائي جديد. تتأكد هذه الروية الانسانية الممزوجة بالتشريح النفسي في فيلم البعد للمخرج نوري بيلجا جيلان من خلال العلاقة بين المصور يوسف وقريبه محمود المستاء من إقامة قريبه القادم إلي اسطنبول معه.. ليدخل بنا المخرج إلي تفاصيل كل شخصية ويبرز تفاصيلها بشكل يجعل المشاهد تتأرجح مشاعره بين الشفقة والبغض طبقا لكل شخصية وكأنه يقول للجمهور عليك الحكم. لكن ما يميز الافلام التركية من واقع المشاهدة انها تستغل بشكل أساسي مقومات الطبيعة الموجودة هناك, ويساعد في إبرازها رؤي المخرجين التي جاءت مزيجا بين التامل والرومانسية في ابراز تفاصيل الطبيعة وبين القسوة السلسلة في تشريح النفس بشكل يبرز تشوهاتها واضطرابها وهمومها.. ولا يمكن إغفال مهارة السينمائيين الأتراك في صنع صورة جيدة تعتمد في أساسها علي الطبيعة ورؤية المخرج التحليلية النفسية وبراعة استخدام الضوء واللون.