ما زالت دروس الحياة تجدد نفسها جيلا بعد جيل وحقبة بعد حقبة لتؤكد أن قيمة المرء ليست في السلطة والثروة والجاه وإنما في العمل بإخلاص تحت رايات النزاهة والشرف بعيدا عن الجشع والطمع والقفز فوق كل قواعد العرف والقانون. ولعل من بين أهم دروس الحياة التي نراها بوضوح في المشهد الراهن هذه الأيام أن عدم نجاح البعض في بلوغ أهدافهم المشروعة- في مرحلة ما- ليس معناه الفشل ولا ينبغي أن يكون مدخلا لليأس لأن هناك أجواء قد يستحيل فيها النجاح بسبب الظروف والملابسات المحيطة والتي لا علاقة لها بالشخص وبأهليته للنجاح ومن ثم ينبغي استمرار الاستمساك بالأمل من أرضية الفهم الصحيح بأن الفرصة في النجاح سوف تجيء عندما تتغير الظروف والأجواء. وليس هناك ما يطرد كوابيس اليأس ويفتح نوافذ الأمل سوي أن يتقمص طالب النجاح في هذه الحياة دور الفارس الذي إذا امتطي جواد السباق فإنه يظل متجها ببصره إلي الأمام فقط لا يلتفت يمنة ولا يسرة مهما يكن حجم الضجيج في المدرجات الذي يؤدي إلي شد انتباهه بعيدا عن الهدف الذي يسعي إليه بأكثر ما يستهدف تحفيزه علي كسب السباق. ومع التسليم بأن المقادير لها الدور الأكبر في صياغة سطور الكتاب الذي يحمله كل امريء في نهاية مشواره مع الحياة يظل للمرء دور مواز بقدر معرفته للطريق الصحيح للنجاح الذي يبدأ أولا بإدراك مغزي وجود الإنسان علي ظهر الدنيا من أجل العمل ليس لذاته فقط وإنما من أجل المجتمع الذي يعيش فيه متجنبا قدر ما يستطيع أجواء الصراع التي ترهق ذهنه ونفسيته وتشل قدرته علي التفكير السليم. وليس أسوأ ولا أخطر علي أي مجتمع من طغيان روح الصراع بين الأفراد و التي تتعاظم من إصرار البعض علي الجمود وعدم الاعتراف بمشروعية رياح التجديد والتغيير التي تهب بين الحين والحين كإحدي علامات الحيوية والنضج في المجتمعات الإنسانية. والعقول الواعية هي التي تملك شجاعة المراجعة والتصحيح باستمرار دون الغوص في بحور من الجدل الزائف والحجج الواهية والانزلاق باتجاه تقديرات غير صحيحة للأمور بسبب عدم القدرة علي استيعاب دروس التاريخ وعدم معرفة فن التعامل مع الحياة التي هي خير معلم! وهذا الذي أتحدث عنه ينطبق علي الفرد مثلما ينطبق علي المجتمع ككل... فليس أسوأ من حصر النفس في قالب محدد يخاصم التجديد والتطوير ومن ثم يدفع باتجاه الصراع والخصام... وما أبعد المسافة بين المبالغة في الحذر والتوجس من كل جديد وبين الحاجة إلي المغامرة المحسوبة طلبا لكل ما هو مفيد! خير الكلام: كل ما يمكن علاجه يمكن تحمل متاعبه وآلامه! [email protected]