هبة عبدالعزيز نتفق علي أن مصر قبل52 يناير لن تكون هي نفسها بعد هذا التاريخ الذي أعاد المصريون فيه اكتشاف أنفسهم, وبالتالي يصبح من المنطقي ان نتوقع تحولا ثوريا في كل مجالات حياتنا وعلي رأسها الفنون, وفي القلب منها الفن السابع, من الواضح جدا ان الشعب يريد اسقاط سينما التفاهة وافلام التسلية لمجرد التسلية, خصوصا اننا نعرف جميعا ان جمهور السينما هو ذاته من اشعل فتيل الثوة المصرية, هؤلاء الذين طالما اتهمناهم بالسطحية وانعدام الوعي, فاجئونا بروح وطنية وعزيمة ثورية ابهرت العالم فهل سيكون من اللائق ان نعود ونقدم اليهم أحدث ابداعات اللمبي وآخر افتكاسات السبكية في الانتاج اللي بالي بالك؟ هذا التساؤل يطاردني كثيرا في الآونة الأخيرة.. ولم أجد أفضل من د. محمد كامل القليوبي لألتمس منه الاجابة, فالرجل يجمع بين الخبرة الابداعية المباشرة باعتباره مخرجا من طراز مختلف, وبين الرؤية الاكاديمية باعتباره واحدا من كبار مثقفينا المهمومين بالشأن السينمائي( رئيس قسم السيناريو بالمعهد العالي للسينما حتي عام2006). د. القليوبي يري ان اهتمامات المواطن المصري تحولت تماما بفعل الثورة, ولن يقبل الجمهور بما كان يرتضيه من قبل, وبالتالي فان هناك أفلاما كاملة انتجت وفق مواصفات العهد البائد وأصبحت جاهزة للعرض سيكون مصيرها الفشل الذريع! توقعات د. القليوبي تصل إلي مدي ابعد حيث سينتهي عصر النجوم أصحاب الأجور الفلكية ممن كان يتم تفصيل السيناريوهات خصيصا علي مقاسهم, ولن يجد هؤلاء امامهم شيئا مفيدايفعلونه سوي التفرغ لكتابة مذكراتهم! ولأن السينما كثيرا ماتبدو فنا انتهازيا يغازل اهتمامات الرأي العام ويعزف علي وتر الاحداث الكبري الساخنة, يصبح من حقنا نحن عشاق الشاشة الفضية ان نتساءل عن هذا الكم الكبير من المشاريع السينمائية التي سمعنا عنها وتتناول موضوع ثورة25 يناير: هل نحن بإزاء حالة من الانتهازية الفنية ام ان الأمر لايعدو كونه طموحا مشروعا؟ بحت بهذا الهاجس إلي د. القليوبي وكان من رأيه ان الاحداث الكبري بطبيعتها تتطلب مرور فترة من الزمن حتي نستوعبها ونهضمها, اما المعالجات السريعة التي لاتهدف إلي ركوب الموجة فلن نحصل من ورائها سوي أفلام طفولية مثل ميكي ماوس. وفي النهاية ينتقل مخرجنا من خانة التوقعات إلي خانة الأمنيات فيطالب بازالة كلمتي الاحتكار و الرقابة من القاموس السينمائي في مصر, فالشعب الذي اسقط احتكار أحمد عز للحديد يريد الآن اسقاط احتكار شخص واحد لكافة خيوط العمل الفني من انتاج وتوزيع ودور عرض, والشعب الذي رفض وصاية بابا مبارك يرفض الآن وصاية ماما رقابة ويتطلع إلي عمل سينمائي متحرر من المعايير البوليسية والحسابات غير الفنية, ويمكن مؤقتا استبدال جهاز الرقابة الديناصوري بلجنة تضم نخبة من كبار المثقفين لتقييم الفيلم قبل طرحه في دور العرض.