كتب - إبراهيم فهمي: لم يكن الشهيد سيد فرج مسعود مدرس وهو يودع خطيبته علي سلم المترو بدارالسلام يدري أن دماءه الزكية ودماء إخوانه ستكون سببا في سقوط نظام مبارك الفاسد في يوم جمعة الغضب. ولم ترحم كلمات سيد وزملائه سلمية.. سلمية في ميدان سوارس بالمعادي قناصة الشرطة من اغتياله وهو يدافع عن الأطفال الذين اغتالتهم الطلقات الحية, فراح ضحية قبل أن يجردوه من ملابسه ويخفوا تحقيق شخصيته. بدأت قصة الشهيد سيد فرج كما يقول شقيقه محمد مساء يوم 28 يناير جمعة الغضب في منطقة المعادي قريبا من شارع أحمد زكي, فبعد أن أوصل خطيبته إلي دار السلام عبر سلم المترو واتفق مع أصدقائه وجيرانه علي الذهاب إلي ميدان التحرير للتظاهر ضد النظام البائد, وعندما انضم إليهم وكونوا مجموعة كبيرة ضمت كل أطياف المجتمع رجالا ونساء وأطفالا, هتفوا وهم يسيرون سلمية.. سلمية, ثم فوجئوا بكمين من الشرطة يطاردهم خلال شوارع المعادي إلي أن أوصلهم إلي ميدان سوارس, فوجدوا أن هناك قناصة فوق أسطح المباني والميدان محاط بالداخلية من كل اتجاه. ويضيف محمد بدأت الشرطة في إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع, ثم أطلقوا النار علي أعمدة الإنارة فعم الظلام المكان, وبدأت أضواء الليزر الأخضر تظهر في الميدان ثم علي أجساد المتظاهرين العزل من السلاح, فمن تظهر علي جسده النقطة الخضراء يسقط قتيلا عقبها, مما جعل المتظاهرين يختفون في مداخل المنازل وبين الشوارع, ولكن فوجئوا بالشرطة تعتقل الأطفال دون العاشرة وتوسعهم ضربا ولم ينج الأطفال من الرصاص الحي الذي مزق أجسادهم البريئة. وفكر الشهيد سيد في أمر يشغل الشرطة عن الأطفال, فخرج من مخبأه وقام برشق الشرطة بالحجارة كما يقول وليد سامي صديق الشهيد وزميله في المظاهرة فحدث هرج بعد أن أفرطت الشرطة في استخدام الرصاص الحي, ثم فوجئ محمد حامد زميل الشهيد في المظاهرة أيضا بظهور شعاع ليزر أخضر علي رقبة سيد وبعدها سقط مدرجا في دمائه فقام بحمله علي موتوسيكل بمساعدة صديق آخر وذهب به إلي مستشفي البركة تاركا خلفه ما يقارب 46 شهيدا في هذا الميدان وعاد محمد حامد إلي الميدان مرة أخري لينقل المصابين والشهداء.. وفي المرة الثانية لم يجد الشهيد سيد في المستشفي فأخبرته ممرضة بأنه قد استشهد وليس هناك مكان في الثلاجة لأنها امتلأت. ويؤكد شقيقه محمد أن أهل الشهيد ظلوا يبحثون عنه طوال الليل, وفي ليلة اليوم الثاني وجدوه في مستشفي المبرة في المعادي دون ملابس أو بطاقة شخصية, بل كان مكتوبا علي جثته( مجهول), وعندما سألوا بعض من كانوا يقومون بنقل المصابين أخبروهم بأن الشرطة كانت تأخذ ملابس المصابين وبطاقاتهم الشخصية ويتركونهم بالملابس الداخلية فقط, وذلك لطمس هويتهم, فقام أهله بتسلم جثته ودفنوه. وبعدها بعشرة أيام, جاء أمين شرطة من قسم المعادي إلي منزل الشهيد وسلمهم بطاقته الشخصية, وقال إنه وجدها في ميدان سوارس. ويطالب محمد بمحاسبة ضباط قسم شرطة المعادي الذين أطلقوا النار علي أخيه.. ويقول: أنا لا أطلب محاكمة العادلي ولا اسماعيل الشاعر, وإنما أطالب بمحاكمة الضباط في قسم المعادي الذين قتلوا أخي.. وهذا مطلبي ومطلب أهل المعادي كلهم. ويضيف أننا كأسرة ومثلنا أسر الشهداء لم نتسلم أي مبالغ مالية من الدولة أو من أي جهة, وهذا آخر شيء نفكر فيه, نحن نريد محاكمة هؤلاء القتلة, ويستنكر شقيق الشهيد التأخر في اجراءات القضاء لعدم وجود قضاة يحكمون في إعلان الوراثة, فهل هذا يعد تعجيزا لأسر الشهداء أم ماذا؟ بالإضافة إلي أن وكيل النيابة بعد أن قدمنا تقرير المستشفي الذي يؤكد أن نتيجة الوفاة بطلق ناري في الرقبة, طالب بشهود يؤكدون أنه كان يسير في مظاهرة سلمية, وأن من أطلق عليه الرصاص الشرطة وليس البلطجية!