منذ الساعات الأولي, فتحت لجان الاقتراع أبوابها بالاسكندرية. وسط حرص المواطنين, ظهر السلوك الراقي أمام اللجان وداخلها من القائمين علي عملية الاقتراع من رجال القضاء والشرطة والجيش. في تبسيط الاجراءات والترحيب بالمواطنين الذين أدلوا بأصواتهم في سهولة ويسر. وقد أكد المستشار محمود رجب رئيس لجنة الجلاء بمنطقة الورديان ومينا البصل, أن عملية الاستفتاء أفرزت وعيا كاملا لدي المواطنين. وقد شهدت منطقة العجمي اقبالا غير مسبوق اعتبره الناخبون احتفالا بنجاح الثورة من أجل تحقيق مطالب الثورة وآمال الشعب بمختلف فئاته الذي يريد الاستقرار ونظرا لطول الطوابير قام الباعة الجائلون بتقديم المشروبات المثلجة وبيعها وسط الطوابير الطويلة, وفي منطقة الصيادين بالانفوشي, شهدت اللجان اقبالا كبيرا من الصيادين والتجار وأيضا منطقة كرموز التي حرص فيها السيدات والرجال لأول مرة علي الإدلاء بأصواتهم دون حشد من الأحزاب المتنوعة والحركات الدينية. وشهدت أيضا مناطق غرب الاسكندرية مشاركة من جمعيات المجتمع المدني, الذين اشادوا بالعملية الاستفتائية التي عبرت عن وعي وحضارة الشعب المصري, الذي ظهر معدنه الحقيقي وأصالته في هذا الاستفتاء دون ضغوط من أحد, وقد جابت السيارات المتنوعة شوارع المدينة تنطلق منها الاغاني الوطنية التي ارتبطت بالثورة. وتشير الدلائل الأولي لعمليات التصويت إلي ارتفاع نسبة الموافقة علي التعديلات الدستورية بنسبة تصل إلي أكثر من70%, حيث عبر الناخبون عن رغبتهم في الاستقرار وسرعة تحقيق التنمية في مجالات الصناعة والسياحة وغيرها, بالإضافة إلي عودة الأمن والأمان للوطن. وقد وضح منذ ساعات الصباح الباكر حرص أعداد كبيرة من شباب الإخوان علي التواجد ودعوة الجماهير لكي تقول نعم للتعديلات الدستورية. اللافت للانتباه, أن عددا من اعضاء الحزب الوطني خرجوا عن الالتزام الحزبي, وأبدوا اعتراضهم علي التعديلات وقاموا بالتصويت ب لا. وقد شهدت منطقة الجمرك تزاحما كبيرا, خاصة بمدرسة الأسكندرية برأس التين, كذلك شهدت منطقة العطارين طوابير طويلة واضطرت الشرطة للتدخل لمنع الزحام الشديد, حيث جاء الاقبال ولأول مرة بشكل منتظم. ومن الظواهر أيضا التي شهدتها الاسكندرية, تجمع الأخوة الأقباط بأعداد غفيرة ومشاركتهم في التصويت, وحرص عدد كبير منهم علي التواجد في الكنائس أولا ثم التوجه بسيارات إلي المقرات الانتخابية. كما استخدمت رسائل المحمول في اعلان الرفض أو التأييد للتعديلات خلال رسائل مختلفة. وفي الوقت نفسه حرص عدد كبير من شباب الأحزاب والتيارات السياسية الرافضة للتعديلات علي المرور علي اللجان المختلفة. تقول المهندسة نرمين حراز شاهدت في هذا الاستفتاء أروع لقطات فقد رأيت تكاتف المصريين واحترامهم للكبير فقد كان الشباب يساعدون العجائز ويدفعونهم للدخول بمجرد وصولهم فلا طوابير لكبار السن والاحترام مقدم علي الاسبقية ولا فرق بين مسيحي ومسلم وهو ما كان يظهر واضحا في اللجان المجاورة للكنائس خاصة في شارع توت عنخ آمون حيث توجد كنيسة العذراء كما تقول أمينة فؤاد سيدة الاعمال فقد رأيت شابة مسيحية تساعد عجوزا مسلمة علي كرسي متحرك في الدخول إلي اللجنة وعند خروجها ودعتها شاكرة لها. وفي محاولة لمعرفة آراء ووجهة نظر بعض أساتذة جامعة الإسكندرية يقول الدكتور سيد عبدالعاطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية: إن اليوم فعلا هو عيد للديمقراطية التي افتقدناها منذ زمن بعيد.. مظاهر هذا العيد لمستها بالفعل أمام صناديق الاستفتاء التي ذهبت إليها لأول مرة في حياتي برغم بلوغي96 عاما, ولأول مرة أمارس المشاركة السياسية التي كنت أنادي بها في الماضي, أما الدكتور إسماعيل سعد أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة الإسكندرية فيقول: لأول مرة يشهد المواطن المصري أن هناك انتخابات حرة.. هذا الشعور الذي افتقده منذ أكثر من ثلاثين عاما.. لقد ذهب المواطن المصري إلي صندوق الاستفتاء لأن هناك مصداقية في النتائج لذلك أسرع من تلقاء نفسه الي الوقوف في طابور طويل بعد أن كان في الماضي يساق إلي الصندوق نفسه, فاليوم أزاح المواطن المصري التهمة التي ألصقت به. وتؤكد الدكتورة مريم مصطفي أستاذ علم التنمية والمجتمع بجامعة الإسكندرية بقولها إن مشاركة جميع أفراد المجتمع وطوائفه من رجال ونساء وشباب وشيوخ مسلمين ومسيحيين, هو نتاج رائع, حيث شهدت لجان الاستفتاء علي التعديلات الدستورية اندفاعة شديدة من جموع الشعب.. تلك الاندفاعة التي تولدت من إرادة سياسية قوية حركت المواطنين للمشاركة, ولأول مرة نجد وعيا وصدقا لدي المواطن بأن صوته له قيمة.. هذا الشعور الذي غاب عن الانتخابات السابقة لفترات طويلة مؤكدة إن إرادة الشعب التي أعلنت داخل صناديق الاستفتاء ستؤدي بلا شك إلي تغيير حقيقي لمستقبل مصر. ويقول: علي مدي أكثر من ثلاثين عاما مضت كان المواطن المصري يعاني إحباطا شديدا نتيجة مصادرة حريته. أما المهندس سعيد غنيم فيقول: وهو يشير الي الحبر الفوسفوري الموجود علي أصبعه هل تصدقين يا أبنتي أنني ورغم سنوات عمري الطويلة إلا إنني لم اذهب لإدلاء بصوتي من قبل أما الآن فالوضع قد تغير ولابد ان نتغير نحن ايضا أما هذا الحبر الفوسفوري فهو علامة فخر لكل من يسهم في اعمار واعادة بناء مصر الجديدة والديمقراطية ثم ضحك وهو يقول ولابد ان تذهبي انت ايضا ولا تكتفي بمجرد التغطية الإعلامية وعندما تعودين في المساء أريني اصابعك. وفي تعليقها قالت المذيعة السكندرية رانيا رضوان: ان البحر الهم السكندريين الحرية فتحول كل مواطن سكندري الي بطل علي شاكلة محمد كريم الذي قاوم الفرنسيين في1798واصبح القلم والحبر الفوسفوري هو سلاح السكندريين لمحاربة الفساد ولفتح بوابابته الي النور والحرية.