المخرجة سميحة الغنيمي لها قدرة فذة علي استخدام الكاميرا كفرشاة رسام. فهي تلعب بالكاميرا وتلعب بالضوء. رأيت القاهرة بعينيها ولم أكن أعرف أن بلدنا بهذا الجمال. بل إنني عرفت ما لم أكن أعرف عن القاهرة. وقد اختارت سميحة الغنيمي ليل القاهرة الحالم الهادئ. إنها تقول شعرا. بل صورها أو لوحاتها أروع من الكلام. بل إنها ليست في حاجة إلي كلام. كما أن الشعر الجميل ليس في حاجة إلي صورة ورسم وكذلك الموسيقي التي اختارتها للحب.( في البدء كان الحب). وفي النهاية سوف يبقي الحب. وفي الحب قدمت لوحات.. روائع من الضوء والظلال والألوان الفصيحة والألوان المهمة والبهجة. وتحيرت أيهما أجمل ما قدمته عن القاهرة ليلا أو أن الحب هو الحياة هو الوجود؟ إنها في الحالتين ترسم وتلحن ألوانها ونتغني بها بهدوء وعمق. وفي أوروبا محاولات لتصوير الموسيقي.. موسيقي العباقرة موتسارت وبتهوفن. وهي محاولات من المؤكد أنها فاشلة. فما الذي يستطيع أن يرسمه الفنان إذا استمع إلي السيمفونية الخامسة لبتهوفن.. هناك محاولات. ولكن موسيقي بتهوفن أعظم وأروع ويستحيل رسمها. فأنت تسمعها مغمض العينين وترسم لنفسك ما تسمع هذا إذا استطعت. ولكن سميحة الغنيمي بمنتهي التواضع والبساطة حاولت أن تصور الليل الجميل أو الجمال ليلا. ونجحت. وبعد أن رأيت لها القاهرة ورأيت الحب فهي في القاهرة استخدمت اللون والظلال بمنتهي البراعة.. أما الحب فهذا هو الصعب أو هو المستحيل. ولكنها نجحت أيضا فيما يصعب علي أكثر المخرجين براعة في الصور والرسم والغناء والموسيقي! وعيب سميحة الغنيمي أن إنتاجها قليل.. ولكن هذا القليل تحف فنية موسيقية في غاية الجمال.. المزيد من أعمدة أنيس منصور