جيهان فوزي الشهيد إبراهيم شبانة94 عاما من مدينة طنطا استشهد يوم28 يناير, مع قافلة الشهداء الذين سقطوا في هذا اليوم العاصف, لكنه لم يأخذ حظة في التكريم. جاءت أخته باكية منهارة لتسجل لنا صفحة أخري من صفحات الشهداء المضيئة, التي اثارت لنا طريق الثورة وانجازاتها. تقول أخت الشهيد وهي تغالب دموعها: إبراهيم شاب متزن ومتواضع ومحترم له من الأبناء ثلاثة, كان حلم حياته أن يصبحوا شيئا مهما في الحياة, وأن يكون مستقبلهم أكثر اشرافا من مستقبله الذي أحاط من الظلم والقهر نتيجة ممارسات النظام السابق وتضنيف: أخي حاصل علي شهادة جامعية لكنه كباقي أبناء جيله لم يأخذ فرصته المهنية رغم رأية واجتهاده, فمارس الأعمال الحرة, ليس له مصدر رزق آخر, ولم يكن موظف في مؤسسة تتولي شئون أسرته من بعده, أطفاله الثلاثة أمانة في عنق الثورة والحكومة التي انبعت منها, إبراهيم ترك وراءه ثلاثة أطفال محمد في الثالث الاعدادي وعبد المنعم في الثاني الاعدادي وحبيبة في الثاني الابتدائي. وتقول: أخي أوصاني بأطفاله وكأنه كان يستشعر أن حياته ستنتهي, أنا مقيمة في القاهرة وما يحز في نفسي أنني لم استطع رؤيته عندما استشهد نظرا للظروف الصعبة التي كانت تمر بها البلاد يوم الحادث خرج إبراهيم في المظاهرات التي كانت تعم البلاد مثل بقية الشباب الغاضب الناقم علي ظروفة القاسية والرافض للظلم الواقع عليه, وكانت المظاهرات علي أشدها والفوضي تعم الأرجاء, وحدثت اشتباكات واطلاق نار من قسم شرطة طنطا القريب من شارع الجلاء في المدينة, أصيبت خلالها إبراهيم بثلاثة أعيرة نارية حية في البطن والحوض والرقبة, نقلها علي أثرها الي مستشفي المنشاوي العام بطنطا كان هناك الكثير من الشهداء الذين سقطوا في هذا اليوم لدرجة أن الناس كانوا ينقلون المصابين والجثث علي عربات الكارو, لقد قتله ضباط القسم دون رحمة.. لا تعتقدوا أن ميدان التحرير هو في القاهرة فقط, ميدان التحرير في كل مدينة ومحافظة مصرية, خرج فيها الجماهير ليعبروا عن غضبهم وهمومهم من قمع وظلم النظام السابق, كل آمال وطموحات أخري إبراهيم كانت تعليم أبنائه وتوفير حياة كريمة لهم بعيدا عن الظروف القاسية التي عاشها هو, أراد أن يتعلموا أفضل تعليم ويعيشوا حياة كريمة, لكن قضاء الله سبق تحقيق آماله وأحلامه وتيتمت أسرته من بعده وانهارت أحلامها باستشهاد عائلها الوحيد. بعض الجيران يوم استشهاده ابلغوا أسرته, فذهبت زوجته وأخوته الي المستشفي ليجدوا جثثا كثيرة في ثلاجة الموتي, وتعرفوا عليه, وظل في المستشفي حتي اليوم الثاني(92 يناير) لاستكمال اجراءات استخراج شهادة الوفاة, وتصريح الدفن. وتتابع أخت الشهيد: أسرة أخي تعاني من البيروقراطية والروتين لديهم عزة نفس وكرامة تمنعهم التسول من الحكومة او المسئولين الذين حتي الآن لم يصرفوا لهم قرشا واحدا هم في أمس الحاجة اليه بعد فقدان عائلهم الوحيد, ويكفيهم أحزانهم وآلامهم بفقدان أبيهم, أبنته الصغيرة لازالت لاتفهم يعني ايه شهيد وهي دائمة السؤال عمتو.. يعين أيه شهيد.. طفولتها وبراءتها حالت دون استيعاب ما يحدث من حولها وأنا حائرة كيف ستواجه هذه الأسرة المكلومة مصير مجهول أبناء تيتموا وهم في عمر الزهور, وأمامهم طريق طويل ومستقبل غامض, مثل مئات أسر الشهداء الذين ينتظرون تنفيذ الحكومة لوعودها, تعلم أن الظروف التي تمر بها البلاد صعبة ولكن هؤلاء الأسر انسدت الأبواب في وجوههم, وكبرياؤهم يمنعهم من ذل السؤال. أخت الشهيد تناشد وزير المالية الدكتور سمير رضوان استعجال الاجراءات والقفز علي البيروقراطية والروتينية لصرف مستحقات أسر الشهداء ليربأوا بهم من حرج السؤال فلكل شهيد قصة, وفي كل قصة مأساة وبين طيات هذه المأساة معاناة وتفاصيل تنوء بحملها الجبال. وتصنيف كنت أتمني أن أكون في وداعه يوم استشهاده لكن انعدام الأمن والأمان وانتشار البلطجية واللصوص علي الطرقات وحظر التجول حرمني من أن أكون معه في هذه الظرف الرهيب وهذا الأمر يؤلمني كثيرا ويؤرقني. وما يثير المرارة داخلي أكثر أن أبناءه المتفوقين في دراستهم غير مصدقين حتي اللحظة أن أباهم رحل وغاب عنهم الي الأبد, ومن حين لآخر يتصورون انه سيدخل عليه في أي لحظة.. ولاخت الشهيد أمنية أخيرة أن يكرم أخيها في ميدان التحرير, بضم صورته الي صور بقية الشهداء في النصب التذكاري الذي يخلد ذكراهم في ميدان التحرير وهي أمنية متواضعة مقابل تضحية الشهيد بروحه فداء الوطن.. ونحن هنا لنا مطلب حازم هو أن تعجل وزارة المالية في اجراءاتها وتنقذ هذه الأسرة من الاحساس بالمهانة والضياع مثل مئات الأسر الأخري حتي يشعروا أن دماء أبنائهم لم تذهب هباء.. وأن الوطن يذكرهم دائما مهما طال الزمن.