كان عثمان بن عفان رضي اللّه عنه صاحب تجارة وأموال كثيرة؛ وكان يستخدمها في طاعة الله ابتغاء مرضاته، وصار سبّاقًا لكل خير، فكان ينفق ولا يخشى الفقر. ولذلك لما قدم المهاجرون المدينة عانوا من قلة الماء وأصابهم قحطٌ ومجاعةٌ ومشقة فنادى النبى صلى الله عليه وسلم قائلا .. " من يشتري بئر رومة وأضمن له الجنة".وكانت رومة عينا لرجل من بني غفار وكان يبيع منها القربة بمد (والمُدُّ نصف صاعٍ والصّاعُ خمسةُ أرطالٍ وثُلْث وهي مقدار من الحبوب ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" تبيعنيها بعين في الجنة؟ فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتجعل لي فيها ما جعلت له ؟ أي لي عين في الجنة إن اشتريتها قال : نعم . قال : قد جعلتها للمسلمين"، وفى رواية أخرى قال المحب الطبري في "الرياض النضرة" :"كانت رومة ركية بئر ليهودي يبيع المسلمين ماءها فساومه عثمان فأبى أن يبيعها كلها فاشترى منه نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، واتفق على أن يكون لليهودي يوم ولعثمان يوم. قال: فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك قال: أفسدت علي ركيتي فاشترى أى عثمان النصف المتبقى بثمانية آلاف درهم، وجعلها صدقة لجميع المسلمين فلما شرب الناس منها قالوا: سقى الله ابن عفان من سلسبيل الجنة ". ومن هنا يظهر دور رجال الأعمال المخلصين والمحبين لبلدهم وقت الأزمات لانتشال الأمة من كبوتها وقت عسرتها فهذا عثمان )رضي الله عنه (وهو رجل الأعمال الأمين على أمته ما إن استشعر حاجة المسلمين لهذه البئر حتى أسرع بشرائها ووقفها لينتفع بها المسلمون وتكون له صدقة جارية تنفعه بعد موته لا يبتغي بها إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة، فهل يستشعر رجال الأعمال المخلصون ما فيه بلدنا الآن ويسارع كل منهم بتقديم كل ما بوسعه حتى يستعيد البلد توازنه. إن عثمان رضي الله عنه لم ينتظر أن يطلب منه أحد شيئا ولكن ما إن علم بمدى حاجة الناس لهذه البئر وما بشر به النبي )صلى الله عليه وسلم (من يشتريها بالأجر والثواب حتى بادر بتقديم الغالي والنفيس ليضرب المثل والقدوة ويبين دور رجال الأعمال وأصحاب المال المخلصين في كل زمان ومكان.