بداية كيف استقبلت أحداث الثورة؟ استقبلتها بكل بشر وسعادة.. متوقعا أن مبادئها ومطالبها كانت منطقية.. يتقبلها القاصي والداني.. وكنت علي قناعة انها ستتخطي كل التحديات.. لإصرار الشعب علي تنفيذ مطالبه بصورة حضارية.. وسلمية. تري ماالدروس المستفادة من هذه الثورة؟ دروسها كثيرة وعديدة خاصة وأنها بعثت للعالم كله رسالة مفادها أن مصر بكل طوائفها بلد حضاري يستحق الحرية والعيش في ديمقراطية حقيقية. هل تري فضيلة الشيخ أنها ثورة الشباب فقط؟؟ أري أنها ثورة شعب بأكله بدأها الشباب واحتضنها الشعب وحافظ علي سلامتها الجيش. يري بعض علماء الدين أن المظاهرات التي حدثت هي خروج علي الحاكم والثورة غير مقبولة من النواحي الشرعية؟! إن الثورة لم تكن مخالفة للشرع, ولم تكن خروجا علي الحاكم, خاصة وأن الثوار نادوا بسلميتها؟! كنت مفتيا في عهد النظام السابق ذلك العديد من الفتاوي التي خالفت سياسة النظام كيف كنت تتعامل مع مثل هذه الأمور؟؟ نعم كانت لي خلافاتي الشرعية مثل موقفي من تعاملات البنوك وتحريم التدخين.. ومقاطعة إسرائيل.. والغزو الأمريكي علي العراق. وتحريم الزواج من إسرائيليات.. ومد إسرائيل بالغاز.. ومع أنه لم يطلب مني تغيير موقفي, إلا أن مثل هذه الفتاوي كانت تزعج النظام!! هل كانت هناك اتصالات بينك وبين الرئيس السابق؟ كان الرئيس السابق دائم الاتصال بي للاستفسار عن القضايا الشرعية سواء العامة منها والخاصة.. دون التدخل في سياسة دار الإفتاء.. سواء بالسلب أو الإيجاب. ماذا تقصد بالقضايا الشرعية الخاصة؟ كان يتصل بي في أمور شرعية خاصة بأهل بيته يستفسر من خلالها عن موقف الشرع فيها وكان يستمع جيدا ويناقشني في كل صغيرة وكبيرة. مالذي كان يقلق الرئيس السابق ودائم الاستفسار عنه؟؟ استفساره الدائم كان عن موقف الجماعات الإسلامية من قضايا الدولة.. ومدي معرفة مايدور بعقول تلك الجماعة.. فأمر الجماعات الإسلامية كان مهما جدا للرئيس. ماهي أهم طلبات الرئيس أثناء توليك مهمة دار الإفتاء المصرية؟ طلب مني الدقة في تحري هلال شهر رمضان.. متسائلا عن مدي إمكانية توحيد الأمر مع المملكة العربية السعودية فكان رأي دار الإفتاء أن لنا رؤيتنا الخاصة التي نراها دون أن نتبع أحد!! وفقا للشرع!! هل تعتقد أن أسلوب الخطاب الديني سيتغير عقب نجاح الثورة؟؟ الخطاب الدين لايعجبني إذا كانت به غلظة وتشدد.. فالثوابت الدينية واحدة لاتغيرها ثورة أو ثورات.. لكن يجب علينا أن نوقف المهاترات المغلوطة في الخطاب الديني ونجعله في أيدي حكماء الدين الممثلين في علماء مجمع البحوث العلمية.. يحكمهم الشرع ولاتحكمهم الأهواء الشخصية. هل تري فضيلتك ان مطالب الثورة كانت معقولة؟ كل المطالب كانت أكثر من رائعة وتحقق منها الكثير الذي كنا لانتخيل ان يتحقق منها ولو القليل, والأمر أشبه بالحلم!! ومارأيك في اعتصام الثوار حتي الآن في بعض المواقع بالدولة؟ أنا مع تنفيذ مطالب الثورة.. لكنني لست مع تعطيل عجلة الانتاج فهذا لايجوز شرعا فلنترك أهل المسئولية في تحقق مطالب الشعب وغنمهم الفرصة.. ونأخذ بأيديهم.. ونوفر لهم المناخ الهادئ.. حتي يعملوا بسكينة وطمأنينة.. ويصلوا الي تحقيق مصالح الشعب بسلام!! مالذي يقلقك من تبعات الثورة خاصة أنها ناجحة حتي الآن؟ أخشي علي الشباب من المندسين.. وأخاف عليهم من المتربصين أصحاب المنافع.. والمتلونين.. وأطلب من الجميع الهدوء والعودة الي مصانعهم وأعمالهم.. ونجعل بأيدينا مصر الجديدة المنتجة. هل ترضيك التعديلات التي تمت في بعض البنود من الدستور؟ لايرضيني بصورته النهائية.. خاصة فيما يتعلق بضرورة الحد من سلطات الرئيس فلابد ان نتطرق اليها ونفسرها تفسيرا تفصيليا.. ونجعل السلطة في يد البرلمان ونعطي له سلطات لمحاسبة الرئيس. هناك أصوات تطالب باختيار منصبي شيخ الأزهر والمفتي بالانتخاب, ومارأيك؟ إذا كان الاختيار و الانتخاب سيكون داخل هيئة كبار العلماء فأهلا وسهلا.. ويكون مقصورا علي تلك الفئة من فقهاء وعلماء أجلاء.. أما بنظام الانتخابات التي عهدنا مؤخرا في مصر.. فهذا الأمر لايليق بقامة الأزهر أو دار الافتاء. وماذا عن مدة ولاية شيخ الأزهر التي تنتهي بالوفاة؟ هذه المسألة ليست جوهرية وبقاء الإمام الأكبر كأكبر مرجعية إسلامية لاينقص قدر العلماء أو الأزهر في شيء. ألا تري ان تعيين المفتي وشيخ الأزهر من قبل رئيس الدولة يضعف الرأي الديني ويجعله تحت رحمة الحاكم؟ المفترض أن رئيس الدولة المنتخب قد تولي مهمته بتكليف من الشعب وأن قرار رئيس الدولة هو قرار شعب.. واختيار شيخ الأزهر المفتي من قبل الحاكم هو قرار من الشعب وليس منة من الحاكم. هل دفعت ثمن شجاعتك في اختلافاتك الفقهية مع النظام السابق؟ أنا أعمل مايمليه علي ضميري الذي احتكم من خلاله الي شرع الله فلم انتظر حسنة من أحد أو اشادة من الحاكم.. ولن أخالف الشريعة لو كلفني الأمر حياتي. كانت لك خلافات كثيرة مع شيخ الأزهر السابق فهل هذا موقفك تجاه الأزهر ورجاله؟ نعم اختلفت مع الدكتور, سيد طنطاوي رحمه الله واصطدمنا معا في قضايا شرعية عديدة واختلفت معه بسبب ضعف مكانة الأزهر التي عهدناها دائما قوية ولاتخشي في الحق لومة لائم. أما الأن فعلي رأس قمة الأزهر رجل مستنير.. وعالم جليل, لغة الحوار هي منهجه.. وخطابه الديني عال ومتزن.. وأري ان مكانة الأزهر ستشرق شمسها قريبا وتعود مرة أخري منارة العالم الإسلامي. وماهي الخلافات الفقهية التي اختلفت معها مع د. سيد طنطاوي؟ أهم خلافاتي مع فضيلته كانت حول المعاملات الربوية في البنوك.. إضافة الي خلافي معه حول التصريح لأحد رجال الأعمال المعروفين بالسماح له بإقامة حلبة لصراع الثيران.. فعندما رفضت الأمر عارضني واحتكمنا لمجمع البحوث الذي أقر حرمانية مثل هذه الأمور شرعا. تردد أن الرئيس السابق رفع اسمك من تنصيبك شيخا للأزهر عقب وفاة د. طنطاوي لكونك معارضا دائما في كثير من الأمور؟ أري أنها شائعات قد رددها البعض.. وأري ان اختيار شيخ الأزهر الحالي.. هو اختيار موفق ومحترم رفع من قيمة وهامة الأزهر الشريف من خلال رجل احترمه الجميع الصدقة وزارته فكرة!! هل لو كنت مسئولا تشغل منصبا دينيا الآن هل كنت ستقدم استقالتك؟ لا.. لن أقدم علي هذا الأمر.. كنت سأعمال لتفعيل مبدأ تفاعل الدين مع الدولة.. ولن أخالف شرع الله. ماذا تعني لك الوحدة الوطنية في مصر؟؟ لايوجد شيء يسمي وحدة وطنية, فهذا الأمر مستحدث علي مصرنا.. فالأمر الحقيقي هو شيء يسمي وطن يجمع المسلم والقبطي.. والكل أمام القانون سواء.. فالدين لله والوطن للجميع. ماحكم الدين في الأموال الموجودة في حسابات النظام السابق اذا اثبت انها أموال الشعب؟ إذا اثبت بالفعل وقالت الجهات المختصة أنها أموال الشعب عندئذ لابد من عودة تلك الأموال الي خزانة الدولة.. ومعاقبة الحاكم علي جرمه! كيف يري الشيخ واصل الرئيس المقبل لمصر؟ أن يكون عادلا.. وألا يتأثر ببريق كرسي الحكم.. وأن يكون قريبا من الله.. وأن يحرص علي تحقيق العدالة الاجتماعية.. وأن يرعي مصالح الأمة رعاية حقيقية لاتخالف شرع الله.. وأن يعطي للعمل قدره ومكانته.. وأن يسعي للقضاء علي الجهل والفقر والحقد!! وأخيرا ما الذي تتمني أن يتحقق في هذه الظروف الراهنة؟ أن يعود الأمن والأمان الي ربوع مصر وتحضن الأمة جهاز الشرطة وتمنح أفراده الفرصة لإعادة هيبتهم فهم أبناء مصر لا أعداؤها. وإدارة عجلة الإنتاج.. والبعد عن الانشقاقات والخلافات. سامي خير الله