مما لا شك فيه أن جريدة الأهرام التي يتجاوز عمرها135 عاما مرت بفترات طويلة من النجاح وفترات أخري من الإخفاق ولكنها ظلت علي مدي عقود بسياستها المحافظة. وثيقة تاريخية وسجلا دقيقا لكل ما تمر به مصر والعالم من أحداث.. ومن واقع هذه الخصوصية الشديدة لهذه الجريدة العريقة لم نجد عيبا في الإعتذار لجموع القراء عن خطأ في التناول لبعض أحداث ثورة يناير, كما أننا لا نجد حرجا اليوم من الاعتذار إذا أخطأ أحد كتاب الجريدة في حق شرفاء من أبناء الوطن وحق جهاز يعتبره ثوار التحرير حاضنا لثورتهم وسندا لوطنهم وشعب مصر العظيم. البنك المركزي المصري والبنوك المصرية الذين أدوا واجبهم في أحلك الظروف وفتحوا أبواب البنوك للمواطنين حتي تنتظم الحياة داخل الوطن وحتي تستمر المؤسسات المختلفة في أداء أعمالها وحتي تصل شحنات الغذاء والدواء كان ذلك بمثابة حماية لظهر الثوار من خلال تحقيق الاستقرار في أوضاع السوق, كما بادر مجلس إدارة البنك المركزي في الإجتماع برؤساء البنوك يوم إندلاع الثورة محددا قائمة تشمل جميع المسئولين بالحكومة والسياسيين السابقين لمراقبة حساباتهم ومنع تحويل أية أموال من داخل البلاد إلي خارجها تحوطا لحماية الأموال المصرية. وقد ساهم هذا الإجراء في بقاء أموال مصر داخلها في قراءة مبكرة للأحداث حتي قبل توجيه أي اتهامات من النائب العام وهو ما يعني حماية ثروة مصر وأموال الشعب. تناول المقال مجموعة من الشائعات لا تستند إلي دليل ومنها قيام البنك المركزي بغسل الأموال, والغريب أن البنك المركزي لا يحول أموال أفراد أو أشخاص وأن جهاز مكافحة غسل الأموال يرأسه السيد رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلي كما أنه يضم في عضوية مجلس إدارته السيد النائب العام ومن ثم فلا ولاية للبنك المركزي علي هذا الجهاز من قريب أو بعيد. الأمر الأخر استند المقال المنشور بالصفحة الإقتصادية بجريدة الأهرام صباح السبت الماضي إلي مجموعة من المعلومات المغلوطة ويمكن لنا إستخدام المعلومات السليمة لتوضيح الحقائق لجموع القراء إيمانا منا بحق الرد في حالة الخطأ لتصحيح الصورة ورد الاعتبار لأجهزة رفيعة المستوي قامت بدورها علي أكمل وجه لخدمة مصر والوطن وفي مقدمتها البنك المركزي المصري. وقد اوضح محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة انه لم يلتق بالسيد جمال مبارك علي وجه الإطلاق قبل إختياره رئيسا للبنك الأهلي المصري في ديسمبر من عام2002 حيث إن السيد جمال مبارك كان يعمل آنذاك في بنك أوف أمريكا في لندن والدكتور فاروق العقدة كان يعمل في بنك أوف نيويورك في الولاياتالمتحدةالأمريكية ودائما ما يتم الخلط بين البنكين بالرغم من أن كلا منهما في قارة بعيدة عن الأخري. وحول أداء البنوك المصرية وفي مقدمتها البنوك العامة اوضح فاروق العقدة أن قيادات هذه البنوك أدت واجبها بالكامل تجاه الدولة وبكل الإخلاص والأمانة وحولت تلك البنوك من بنوك خاسرة خسائر كبيرة تصل إلي40 مليار جنيه مصري طبقا لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إلي بنوك محققة أرباحا كبيرة طبقا أيضا لتقارير الجهاز, كما تم إصلاح هيكلي لهذه البنوك داخليا مما أهلها للمنافسة واسترجاع حصصها المصرفية التي كانت قد فقدتها لصالح البنوك الأجنبية في السنوات السابقة علي تقلدهم إدارة هذه البنوك. وقد ساعد هذا الإصلاح المصرفي في تحقيق الإستقرار النقدي في الدولة واسترجاع مصداقية المؤسسات الدولية والإستثمار الأجنبي الذي زاد من400 مليون دولار عام2002 إلي13 مليار دولار عام2008 وأدت هذه البنوك دورها في تمويل التنمية حيث ضخت ما يقرب من40 مليار جنيه في الإقتصاد المصري العام الماضي وحده. وأشار التوضيح إلي أن البنوك العامة ورثت تركة ثقيلة من الديون الرديئة وصلت إلي100 مليار جنيه وهي القروض التي تم منحها بقرارات استثنائية خاطئة لا تتفق مع أسس العمل المصرفي وكانت أكثرها مبالغ هائلة تركزت في عدد قليل من المقترضين من شركات القطاعين العام والخاص. ولقد كان تحديا كبيرا إعادة تنظيم هذه المؤسسات بعد أن اضطربت أحوالها ولم يراع بها التطور الذي حدث في الصناعة المصرفية في سائر الدول. واشار التوضيح إلي أن القرارات الإقتصادية التي اتخذها البنك المركزي المصري إبان ثورة25 يناير نجحت في أن تحافظ علي وضع الجنيه المصري بالرغم من جسامة الحدث وأنه لولا هذه القرارات لكانت السوق السوداء للنقد الأجنبي استفحلت مرة أخري والتي من بعض نتائجها السلبية عدم قدرة الدولة علي تدبير احتياجاتها الرئيسية من العملات الأجنبية لاستيراد القمح والغذاء والأدوية والبترول ومحطات الكهرباء والسلع الرئيسية التي تحتاجها السوق المصرية ولقد اتخذ البنك المركزي في حينه قرارات ووضع قيودا شديدة الصرامة بالنسبة لتحويل الأموال للخارج سواء لرجال الأعمال أو الشركات المملوكة لهم والشركات العائلية والأفراد من يوم25 يناير وتم تطبيق تلك القرارات من اليوم الأول لفتح البنوك بعد الأحداث. نرجو أن نكون قد أوضحنا الحقائق ورددنا الاعتبار للبنك المركزي والبنوك المصرية وقياداتها الوطنية المخلصة.