انتشرت في الفترة الأخيرة العديد من المظاهرات والإضرابات العمالية التي تطالب ببعض الحقوق التي يجد أصحابها أنها حقوق مشروعة, لكن من الظواهر السلبية المصاحبة لتلك المظاهرات أننا نجد أن هناك تأخيرا وتعطيلا لمصالح الناس بسبب إضراب العمال وما يصاحبه من تعطيل الإنتاج, وقد أكد علماء الدين أن المطالبة بالحقوق مشروعة, لكن لا يجوز أن يؤثر ذلك علي مصالح الناس, والأفضل أن تعرض تلك المطالب من خلال القنوات الشرعية بما لا يخل بالعمل ولا يؤثر علي مصالح الناس.. الدكتور فياض عبد المنعم أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية التجارة جامعة الأزهر يقول: المجتمع اليوم في أشد الحاجة للبناء والتعمير وقد حث الإسلام علي ذلك, وهناك قاعدة إسلامية تنص علي أن المصلحة العامة مقدمة علي المصلحة الخاصة, وبالتالي فإن الإضرابات التي تحدث وتسبب تعطيل إنتاج وتأخير مصالح الناس تدخل في باب تفضيل المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة وهذا منهي عنه لأنها تؤدي لضرر, والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف لا ضرر ولاضرار, كما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في الحديث دعوا الناس يرزقوا بعضهم من بعض وفي هذا الحديث نستكشف معاني كثيرة أهمها أن الإسلام يدعو ويحث علي استمرار الإنتاج حتي يستفيد الناس ويتحقق الربح لكل من يساعد في إنتاج السلع أو غيرها, لأنه في حالة وجود إضرابات وتعطيل الإنتاج يتوقف الكسب ويحدث ضرر لكثير من فئات المجتمع التي يتحقق رزقها عن طريق تداول هذا الإنتاج, والإسلام لا يمانع في أن يعبر العاملون عن مطالبهم طالما أنها مطالب مشروعة, لكن لابد أن يتم ذلك من خلال النقابات والهيئات المكلفة بذلك بحيث لا يحدث توقف لعملية الإنتاج, وفي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها نجد في هذا الحديث دعوة للاستثمار لأن ما يغرس لا ينتج إلا بعد مرحلة من الزمن, وبهذا نؤكد أن المطالبة بالحقوق لها قنوات شرعية ليس من بينها تعطيل الإنتاج. أما الدكتور حامد أبو طالب العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فيقول: وضع الإسلام ضوابط وتوجيهات لتنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل, وإذا التزم العامل وصاحب العمل كلاهما بهذه الواجبات والحقوق والتوجيهات الإسلامية دامت العلاقة بينهما وسادها الحب والوفاء والرحمة فيحافظ العامل علي أموال صاحب العمل ويحسن استخدامهما وبالتالي يحب صاحب العمل هذا العامل, ويكرمه ويجزيه في أجره, فمن واجبات العامل أن يتقن عمله ويبذل كل جهده لتنفيذ العمل علي أحسن وجه حيث وصي بذلك الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه, والعامل له مقابل ذلك حقوق وواجبات علي صاحب العمل عليه أن يقوم بها تجاه العامل مشيرا إلي أنه لابد أن تكون هناك قنوات للحوار والمناقشة حول مشاكل العمل لا أن تترك الأمور تتم بعشوائية وحتي لا يؤثر ذلك علي حاجة الأخرين.