متابعة: هاني بركات : يروي شباب25 يناير قصة ملحمة كتبت شهادة ميلاد جديدة لنحو84 مليون مصري بدماء الشهداء, واعتبروا يوم25 يناير2011 تاريخ ميلاد مصر, ومكان الميلاد هو ميدان التحرير في أروع ملحمة أعادت المصريين للحياة من جديد. يحكي الشباب كواليس ثمانية عشر يوما تساوي ثلاثين عاما مما نعد لم يخوفهم أو يثنيهم شئ عن معتقداتهم وايمانهم بمبادئ اجتمعوا عليها بعد أن فرقت رصاصات وقنابل الأمن جموع الشعب المصري طيلة عقود مضت. والقصة كما يرويها عرفة الطالب بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن هذا العمل لم يكن وليد الصدفة وانما كان نتاج مجهود شاق وليال طويلة كان يسهر فيها امام الانترنت من خلال الفيس بوك يدعو زملاءه وأصدقاءه ويقنعهم بالهدف الذي يسعون اليه.ويقول إن ايماني بقضيتي جعلني لا أشعر بالوقت حتي انني كنت أنام وأنا جالس أمام الكمبيوتر, وكنت أنا واصدقائي ندعو كل من نتقابل معه في أي مكان لاهدافنا التي لا نبغي من خلالها الا الحرية التي ولدنا بدونها وكنا نسعي لاستردادها وخلال دعوتنا كنا نتفق علي الشعارات التي سوف نرددها.وفي يوم25 يناير خرجنا وعزمنا علي ألا نعود الي بيوتنا إلا بعد تحقيق اهدافنا, وفي خلال مسيرتنا كان للفتيات دور كبير فكن يقمن بدعوة الشباب الذين يقفون في الشوارع ويقلن لهم نحن بنات ونطالب بحقوقكم وانتم اولي منا بذلك فكن يشجعن الشباب علي الانضمام الينا, ويزلن الخوف من صدورهم بعد آن يروا فتيات خرجن للمطالبة بحقوق مشروعة يحلمن بها فانضم الينا عدد كبير من الشباب. ويقول عرفه: في يوم25 يناير مساء تم اعتقالي وبعد ثلاثة أيام من التحقيقات ألقي بي الأمن في منطقة صحراوية بطريق العين السخنة, وحذروني من أنهم لو القوا القبض علي مرة أخري, فلن أري الشمس ابدا ولكن الأمر بالنسبة لي كان قد حسم فلن استطيع الحياة بدون حرية أو التعبير عن رأيي بدون قيود فلم تعد تقلقني الحياة بسجن الأمن مادمت أعيش في سجن كبير هو سجن الحريات بمصر والذي اوجد منا مسوخا تتحرك علي الأرض. ولملمت نفسي وعدت الي اصدقائي بميدان التحرير ورفضت ان أعود الي منزلي لانني أعتبر أن بيتي الحقيقي هو ميدان التحرير بين اصدقائي والذي كان وجهتنا منذ أن بدأنا ثورتنا وكان هدفنا هو التمركز به لاننا من خلاله سيصل صوتنا الي العالم كله, ولم يمنعنا من ذلك تفريق الأمن لنا وقطع الاتصالات والانترنت حتي لا نتواصل فقد توصلنا الي حل بديل حتي نتمكن من تحديد خطوط السير التي نمشي عليها كي نتجمع في ميدان التحرير وهذا ماحدث بالفعل فقد اتفقنا علي عمل علامات علي الأرض باستخدام اسبراي ملون يعرف كل من يشاهدها أننا مضينا في هذا الاتجاه فيتبعنا حتي نصل إلي ميدان التحرير, وكنا نغير هذه العلامات حتي لا يكتشفها رجال الأمن. وكان يوم الأربعاء الذي هاجمت فيه مجموعة من البلطجية ميدان التحرير بالجمال والخيول يوما فارقا في عمر ثورة الشباب, فكما يروي عرفة أن هذا اليوم وهذه الهجمة أصابتنا جميعا بالفزع والرعب حتي أن الكثير من الشباب الموجودين بالميدان أصابهم اليأس والاحباط, وشعر الكثير منهم بأن هذا اليوم سيكون نهاية دموية لثورتنا الشريفة, إلا أن تكاتف الجميع علي أننا لن نغادر الميدان إلا قتلي واستمرارا لدور الفتيات الذي لم ينته فأخذوا يبثون الحماس في نفوس الشباب وتحولنا إلي مجموعات من العمل في حرب الحجارة التي كانا نخوضها في مقابل قنابل المولوتوف والسيوف التي كانت تواجهنا. وأخذ مجموعة من الشباب تجهز الحجارة داخل الميدان والفتيات ينقلنها إلي المداخل التي وضعنا عليها المتاريس, وقسمنا أنفسنا إلي مجموعات علي مداخل ميدان التحرير, ولكنني لا أنكر أن الخوف قد تسرب إلي معظم الموجودين بالميدان, ولكن هذا اليوم ودماء الشهداء التي رأيناها بأعيننا جعلتنا نزداد إصرارا علي الاستمرار واستكمال المسيرة, وبعد هذا اليوم ازددنا إصرارا وصلابة وقلنا لأنفسنا إن المحنة التي لا تكسرنا تقوينا وزادت إرادتنا حتي نصل لحلمنا وحلم الشعب المصري بأكمله. أما مصطفي عزت الشاب ذو ال35 عاما والذي يقطن بمنطقة إمبابة, والذي يعمل ممثل شاب بأحد الفرق الاستعراضية فيقول: شعرت بالظلم الكبير عندما تركت الفرقة التي أعمل بها بسبب تدخل الوسطاء ليعطو شخصا آخر دوري الذي كنت ألعبه, ومن يومها شعرت بالظلم الكبير, وصممت علي أن أكون إنسانا فاعلا أعبر عن رأيي بحرية وأغير واقعا إليما جعلني وكل أبناء جيلي مسلوبي الإرادة, وكانت أهداف هذه الثورة هي كل ما أتمناه وهو أن أعيش في بلد الحرية واحترام آدمية الإنسان مبدأ أساسي فيه, فعلي الرغم من أنني لا أعمل الآن إلا أنني لا أطلب وظيفة خاصة لي ولكنني أتمني أن تتحقق العدالة والحرية في وطني.ويضيف مصطفي أن الحرب الإعلامية التي تعرضنا لها كانت شرسة فما قيل عنا من أننا نخضع لتنظيم أجنبي وأننا نحصل علي وجبات كنتاكي وأموال نظير بقائنا في ميدان التحرير كان مؤلما لنا جدا حتي أن أهالينا صدقوا ما يقال عنا فقد فوجئت باتصال هاتفي من والدي يقول بعت نفسك بمائة دولار ووجبة كنتاكيوحاولت إقناع والدي بكذب هذه الافتراءات, ولكن هذه المكالمة آلمتني كثيرا, هذا علي الرغم من أننا بتنا ليالي من الرعب والخوف ومنع عنا الأكل والمياه وبتنا علي أرصفة التحرير في ليالي قاسية البرودة كان غطاؤنا هو السماء. كما أكد مصطفي أن يوم الأربعاء الدامي قوي إرادتنا فعلي الرغم من أن ذراعي كان قد كسر يوم25 يناير بعد ان ضربني أحد رجال الأمن إلا أن هذا لم يمنعني من المشاركة مع زملائي في معركة الأربعاء الدامي, فكنت أحمل الحجارة بيدي السليمة إلي زملائي عند مداخل الميدان حتي يدافعوا به عنا. ويشير مصطفي إلي أن الشباب المصري أصبح يملك من الوعي ما يجعله يعرف أن دورنا لم ينته بعد, ولكننا بدأنا حياة جديدة تحتاج إلي العمل والتكاتف من أجل وطن يبني نفسه من الداخل.