عندما طرحت وزارة التربية والتعليم فكرة التقويم الشامل والتراكمي وغيرها من الافكار الاكاديمية والنظرية روجت لها برصد مميزاتها وأهميتها وسارعت بتطبيقها قبل أن توفر لها البيئة المناسبة لتحقيق الهدف منها, ومن هنا جاءت الاعتراضات عليها, ليس فقط من جانب أولياء الامور أو الطلاب, أو حتي من الخبراء, بل ومن أعضاء لجنة التعليم بالحزب الوطني أنفسهم.. وهذا ما نعرضه في هذه السطور: يقول محمد عبد الظاهر الطيب عميد كلية التربية جامعة طنطا سابقا وعضو المجلس القومي للتعليم.. التقويم الشامل مقوماته غير موجودة الآن لذا فإن لجنة التعليم بالحزب الوطني قدمت تصورا للتقويم الشامل كما أقرت لجنة التعليم برئاسة د/ حسام بدراوي مع وجود عدد كبير من خبراء التربية أن التطبيق لنظام التقويم الشامل في الثانوية العامة مرهون باستيفاء مجموعة من الشروط, وهي تخفيض كثافة الفصول إلي35 تلميذا بالفصل وبناء مدارس جديدة من أجل استيعاب الطلاب مع توفير أكثر من معلم للفصل الواحد, ولابد أن ترتفع موازنة التعليم من3% من الدخل القومي إلي6% واستمرار هذه الزيادة لمدة15 سنة ومن المعروف أن التقويم الشامل مرتبط ارتباطا وثيقا بحضور التلاميذ إلي المدرسة, وممارسة الأنشطة الرياضية والفنية, وغيرها داخل المدرسة, بالإضافة إلي وجود اخصائيين نفسيين اجتماعيين وتوفير أدوات العمل بالنسبة لهم وتوفير مرشدين أكاديميين, وإعداد مدرس مدرب تدريبا جيدا علي نظم التقويم الشامل, وكل هذه الشروط لم تتوافر في مدارسنا وإلي أن تتوافر فإنه لا يجوز لأي شخص أن يتحدث عن التقويم الشامل كمنظومة تعليمية, ونحن نري علي الجانب الآخر أن يبدأ التنفيذ في المرحلة الثانوية2011, وأن تصل المنظومة إلي الثانوية العامة في2013 علي أن يبدأ نظام القبول الجديد في عام2014, وهو نظام يعتمد اعتمادا كليا علي التقويم الشامل, وهناك أشياء غير واضحة وغير مفهومة كأستاذ التربية, وهناك أنباء تشير إلي بحث منظومة قبول الطلاب في الجامعات ومن البديهي أن نتساءل كيف يتم هذا بين وزيرين يعملان بمهنة الهندسة بدون وجود رأي من لجنة التعليم بالحزب الوطني التي تضع سياسات التعليم ؟ والتي لم يخطرها أحد قبل تغيير الوزير ولا أسباب التغيير ولم يؤخذ رأيها في اختيار البديل للوزارة. ومعني هذا أن اللجان المتخصصة وهي في صميم بنيان الحزب الحاكم لاتعرف أي شيء عما يدور والمفترض أن تضع هذه اللجنة سياسات التعليم, وتوافق عليها الجهات التشريعية مثل مجلسي الشعب والشوري ثم تسلم إلي الوزراء كسلطة لتنفيذها, ولكن منذ فترات طويلة يضع الوزراء السياسات ثم يعرضونها علي لجنة التعليم, والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الوزراء يعتقدون أنهم سلطة تشريعية والا ما معني أن يعقد الوزراء أجتماعات لتحديد مصير أبناء هذا الوطن عند التحاقهم بالجامعات وكان من المفترض أن تصدر هذه السياسات من اللجان المتخصصة من الحزب الحاكم, ثم توافق عليها الاجهزة التشريعية, ثم يقوم بتنفيذها الوزراء كسلطة تنفيذية وعندما تسأل أي متخصص في التربية أو التعليم العالي فإن الصورة إلي الآن غير واضحة لأنه ليس من المعقول أن يقرر هذه الأمور الخطيرة أشخاص منفردون حتي وإذا كانوا وزراء. ويقول محمد المفتي عميد تربية عين شمس السابق إن التقويم الشامل يعني قياس جميع جوانب نمو المتعلم الجانب المعرفي والجانب الفعلي والجانب النفسي والفني والاجتماعي والثقافي إلي آخره لأن الهدف النهائي للتربية هو تنمية جميع جوانب المتعلم, إذن فكرة التقويم الشامل هي فكرة ومفهوم تربوي صحيح بالدرجة الأولي هذا علي مستوي التنظير أو ماتقوله العلوم التربوية ولكن إذا نزلنا إلي الميدان فقد نجد مجموعة من المعوقات التي ربما تحول دون تطبيق هذا المفهوم التربوي السليم ولعل من أهم هذه المعوقات غياب هذا المفهوم عن بعض المعلمين في المدارس, وبالتالي قد لايطبقونه بالطريقة المطلوبة فمثلا لاتوجد أماكن كافية يمارس فيها الطلاب الجوانب المختلفة من الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية وغيرها في كثير من المدارس, كما يصعب تطبيق هذا المفهوم بطريقة سليمة, دون تدريب المربين في المدارس علي ذلك لتخطي هذه العقبات, ويقترح الدكتور محمد المفتي ضرورة تدريب المعلمين علي أساليب وأدوات التقويم الشامل عن طريق عقد دورات تدريبية مستمرة لهم مع تحسين البيئة المدرسية عن طريق تزويدها بأماكن مخصصة لممارسة الأنشطة المختلفة التي تخدم جوانب النمو الفنية والجسمية مع تزويد المكتبات المدرسية بكتب ثقافية في شتي المجالات والتخصصات والهوايات المختلفة مع تخصيص فترات يزور فيها التلاميذ المكتبية ويمارسون القراءة والتثقيف علي أن يكون لهذا وقت محدد في الجدول الدراسي, ولابد من عقد ندوات علمية بواسطة خبراء التقويم الشامل لنشر ثقافة التقويم الشامل بين المدرسين والمدربين في مختلف المدارس. مع وضع نظام دقيق لمتابعة تقويم المدرسين والمربين في المدارس أثناء عملية التقويم الشامل حتي تضمن الموضوعية والعدالة والدقة في تقويم الطلاب ونوصي بتهيئة المعلمين والمربين مع استكمال الإمكانات المادية بالمدارس قبل تطبيق التقويم الشامل في الثانوية العامة الجديدة.