اليوم وليس غدا موعد لتشكيل لجنة قومية مصغرة تضم إلي جانب المجموعة الاقتصادية الوزارية, خيرة خبرائنا المشهود لهم بالخبرة والكفاءة والابتكار والإبداع, لتقدم لنا خطة جريئة تنير لنا طريق اقتحام النفق المظلم الذي نعيشه الآن, أو علي الأقل ما سوف نواجهه في الأيام والأشهر المقبلة نتيجة الخسائر الناجمة عن أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية, أو ما سيصيبنا من نقص كبير في موارد السياحة والاستثمارات الداخلية والخارجية. نطلب من هذه اللجنة خطة لمواجهة صعاب المرحلة القصيرة المقبلة, ولتكن هذه الخطة مثلا لمدة ستة أشهر كخطة انتقالية يعقبها خطة طويلة المدي تنفذها الحكومة الجديدة, التي سوف تتشكل بعد الانتخابات الرئاسية. ولنبدأ بالسياحة, فهي تحتاج إلي تحرك عاجل, يعيد جاهزية كل مرافقنا وخدماتنا السياحية إلي سابق عهدها من القدرة علي استقبال السائحين وتقديم كل الخدمات والمنتجات السياحية المطلوبة, تتلوها خطة عقلانية لمخاطبة صناعة السياحة العالمية, لتشعر بالثقة في سوق السياحة المصرية, فنحن لا نخاطب مجرد أفراد أو شعوب خارجية, ولكننا بالدرجة الأولي نستهدف خطابا منظما, فصناعة السياحة العالمية لها قواعدها ولها تأثيرها, ومن المفيد أن تبدي نوعا من الشهادة بالثقة في أوضاعنا. هنا يأتي دور وزارة الخارجية مكملا لدور هيئات السياحة, سواء كانت هيئات حكومية أو قطاعا خاصا, ولا ننسي أهمية ما تصدره وزارات الخارجية في بعض الدول المصدرة للسائحين, حين تصدر بيانات تحذر مواطنيها من السفر إلي هذا البلد أو ذاك. وثانيا: من المستحيل إيجاد وظائف جديدة لتشغيل ملايين الشباب الراغبين والقادرين علي دخول سوق العمل دون استثمارات جديدة, هذه الاستثمارات ليس لها إلا مصادر معروفة أولها أن تكون لدينا مدخرات فردية وقومية, ونحن مسجلون من أقل المجتمعات ادخارا, ثم الإنفاق الحكومي عبر استثمارات حكومية, وهذا يبقي الأمل عليها محدودا نظرا لعجز الموازنة, ثم يأتي المصدران الأهم, وهما استثمارات القطاع الخاص المصري, ثم الاستثمارات الخارجية عربية كانت أم أجنبية. ولنبدأ بإعادة تهيئة مناخ استثماري يسترد ثقة الأموال ورجال الأعمال الشرفاء, وأرجو ألا يختلط الحابل بالنابل, فنسيء إلي الأغلبية الشريفة بذنوب وخطايا أقلية معدودة ومعروفة للجميع, تحسين بيئة الاستثمار المحلي, تبدأ بإيجاد جو من الثقة بين أصحاب الأعمال والعمال, وبين أصحاب الأموال الشريفة وعموم المجتمع, لأن من المحال أن نتوجه لإقناع المستثمر الأجنبي أن يعود بأمواله إلي مصر, وهو يري أن المستثمر المحلي لم تستقر أوضاعه بعد. إن نجاحنا في توطين الاستثمار المحلي وإنعاشه هو الرسالة العملية التي لا تكذب, وهي وحدها الكفيلة بإقناع المستثمر العالمي, بأن مصر عادت من جديد أرضا للفرص الاستثمارية الناجحة, سواء في مجالات الإنتاج المختلفة, أو في صناعة الخدمات بأنواعها. وهنا يلزمنا أن نتحرك في الاتجاه العربي, ليس من باب طلب المعونات, ولكن من باب المشاركة الحقيقية, سواء بين الحكومات, أو بين القطاع الخاص المصري والعربي, وأنا علي يقين أن في العالم العربي كثيرين يحملون رغبات ونيات واستعدادات طيبة ومحمودة لمساندة أشقائهم في مصر. المهم عندي هو أن تتحرك الجهات المعنية وتتخذ المبادرة وألا تقع أسيرة الانشغالات اليومية المحدودة. ولعلنا في النهاية نطلب من رؤساء محاكم التفتيش ونوابهم أن يهدأوا قليلا, فلا يوجد أحد فوق القانون, أو فوق المساءلة والحساب, ولكن فقط أمام القضاء الطبيعي العادل كما تقضي بذلك تقاليد العدالة المتحضرة.