في ميدان الثورة أو التحرير, تدفقت الجموع للاحتفال, المساهمة بحملات نظافة, البحث عن إجابات لأسئلة كثيرة عن مستقبل مصر السياسي وأيضا عن مواعيد لحلول الكثير من مشكلاتهم الحياتية.قبلة أمل وساحة مناقشة لمستقبل يحلم الكثيرون أن يكون أفضل. ارفع رأسك فوق, أنت مصري شعار ردده الشباب والفتيات وهم يحملون أدوات النظافة في حملة جمعتهم بغير موعد لتنظيف ميدان التحرير. ميدان ظل لمدة ثلاثة أسابيع محور الأحداث في مصر, وموقع رئيسي لثورة شعب استطاع فرض إرادته واسقاط نظام طالما عانوا من قهره وفساده. ورغم استمرار مظاهر الاحتفال الذي عم ارجاء مصر بعد بيان تنحي الرئيس مبارك, حتي الساعات الأولي من صباح أمس, إلا أن تدفق الجماهير علي ميدان التحرير لم يتوقف بالأمس. أسر بأكملها اصطحبت صغارها للاحتفال بثورة مصر وأخري أتت للمساهمة في تنظيف المكان وتنظيمه.وبدا المشهد رائعا في الميدان بين المهنئين والمشاركين في الدعوة لبناء مصر من جديد حتي أن كثيرا من الفتيات حملن لافتة نأسف للازعاج, فنحن نبني مصر. فتيات وشباب يرتدون الأقنعة يجمعون القمامة والأحجار من الأرض. علي أنغام الأغنيات الوطنية التي تصدر عن إذاعات الثورة في الميدان, باسم الله, الله أكبر, بسم الله, يا حبيبتي يا مصر وغيرها, وفي موقع الأحداث بالميدان, اللافتات تحمل تهنئة شباب الثورة لشعب مصر بالتنحي ومؤكدة أن( مصر حرة حسني مبارك برة) ومطالبة بضرورة تحقيق مطالب الثورة مثل( يا بنوك سويسرا عايزين فلوسنا) بينما تحمل اسراء الصغيرة لافتة أنا مصرية, أنا حرة, أنا اسراء احتفالا بانقضاء عهد حاكم سييء كما تقول الصغيرة ذات العشر سنوات بينما أكدت والدتها هبة جمال أن المصريين خلاص لم يعدوا يخافون, مؤكدة أنها في بدايات أيام الثورة كانت تخشي المشاركة لكن بعد موقعة الجحش كما يسميها الثوار والاعتداء علي المتظاهرين, كان لابد من جميع أفراد الشعب من المشاركة, بينما يؤكد زوجها حسام الدين شحاتة أن أخطاء النظام وتأخر قراراته, كما قال الكاتب محمد حسنين هيكل, جعل الثورة تزداد قوة ونضجا وزاد من اصرار الشعب علي التقدم حتي النهاية. ولكن هل هذه هي النهاية يتساءل كثيرون ممن مازالوا يقيمون في الميدان وممن أتوا للاحتفال والمشاركة. فرغم تأكيد البعض علي ضرورة اخلاء الميدان بعد أن تحقق المطلب الرئيسي للثورة وهو تنحي الرئيس, إلا أن البعض الآخر بدا في انتظار بيانات أخري للجيش تؤكد علي تحقيق مطالب الشعب. وكما يقول عبدالرحمن مصطفي من المنوفية والمقيم في القاهرة منذ25 يناير.( الحمد لله النهاردة صباح من غير مبارك, نمنا فيه مطمنين بدون غطاء, لكن من الضروري أن يحدد لنا الجيش فترة زمنية لتحقيق المطالب). ويضيف أحمد من المنوفية أيضا أن الجميع في انتظار تحقيق مطالب الشعب التي أعلنها شباب الثورة في بيان أهم بنوده عمل حكومة مؤقتة, حل مجلسي الشعب والشوري, إلغاء قانون الطواريء, نقل السلطة من عسكرية إلي مدنية. تشكيل مجلس حكماء يدير شئون البلاد, تشكيل مجلس رئاسي انتقالي من أربعة أعضاء مدنيين وعضو عسكري دون أن يكون لهم حق الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة والمؤكد كما يقول أحمد من قنا الافراج عن المعتقلين.بيان حرص مؤمن الحلفاوي علي ترديده علي ثوار ميدان التحرير مضيفا ضرورة عمل استفتاء شعبي علي مواد الدستور وتكليف لجنة من أساتذة القانون وفقهائه لصياغة مواد الدستور, ليناقشه الكثيرون في مدي إمكانية تحقيق هذه المطالب من مدرسين, سائقين, وطلبة, في مشهد مختلف تتحدث فيه مصر كلها في السياسة.البعض يحمل لافتة لن نغادر الميدان في انتظار البيان, بينما يحاول الآخرون اقناعهم بضرورة العودة للعمل وإعادة بناء مصر في مرحلة جديدة ومختلفة تحمل آمالا عريضة للمستقبل. أمل وترقب وأيضا خوف مسيطر علي بعض الشباب ممن يتساءلون عن دخول لا تتناسب مع الأسعار والحصول علي مكان لسكن الأسرة والأطفال الذين يشاركون العائلة في مسكن, يضيف لعددهم كما يقول أيمن,38 سنة لا يعمل منذ تخرجه( أعيش و؟أسرتي مع والدي الذي يصرف علي وعلي أبنائي الثلاثة منذ سنوات طويلة هل ستجد لي الثورة عملا؟) أسئلة كثيرة يتبادلها الشباب, تتعلق بمشكلاتهم الشخصية وأخري بمستقبل مصر,( هي البلد مفيهاش فلوس؟),( هل سيرفعون الأجور؟),( هل تمت مصادرة أموال الفاسدين من النظام السابق) بينما يردد البعض الآخر ردا علي تساؤلاتهم أن الأمور لن تتغير بين عشية وضحاها المهم أن المصريين استردوا كرامتهم وفرضوا إرادتهم( يارب نكون بنشحت, المهم الكرامة, يقول محمد سيد, لكن مدحت شعراوي كهربائي مشغول بلقمة العيش, وهو ما يتمناه محمد الذي لازال يقدم للجماهير المتدافعة شاي الثورة,( أرجو أن يتم تثبيتي في عمل دائم بدلا من الاسترزاق من هنا وهناك, بدون دخل ثابت) يقول الشاب الذي بدأ هو وأصدقاؤه يتفائلون بقرب وجود حلول لمشكلاتهم. أجواء احتفالية, أسئلة كثيرة وأحاديث في السياسة تتبادلها طوائف الشعب ومناقشات حول البقاء في انتظار المزيد من البيانات التي تدعم مطالب الثورة أو الرحيل كل إلي عمله, تتجه أنظار العالم إلي الميدان, موقد الثورة بينما يراه الكثيرون بيت كبير للعائلة, كما قال أحد الشبابسوف نتركه لنعود لنساهم في بناء مصر, ولكن سيظل قبلتنا في حالة عدم تحقيق مطالبنا المشروعة.