واشنطن وكالات الأنباء: مع استمرار المظاهرات المليونية الحاشدة للثورة المصرية, تحاول الولاياتالمتحدة تبديد أي تلميح بأنها تخفف الضغط علي الرئيس حسني مبارك أو تتخلي عن المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية, بينما تضغط الدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة علي واشنطن لإبطاء خطواتها للضغط من أجل التغيير الديمقراطي في مصر. ويعمل البيت الأبيض حاليا علي إزالة الرسائل المتناقضة التي صدرت عن مسئولين أمريكيين بشأن الأزمة في مصر, والتي أحبطت الرئيس الأمريكي باراك أوباما, ويسعي مسئولو البيت الأبيض إلي تبديد أي تلميح إلي تخفيف الضغط علي مبارك أو التراجع عن تأييد المتظاهرين. وتركز غضب البيت الأبيض علي تعليقات الدبلوماسي المتقاعد فرانك ويزنر مبعوث أوباما لإقناع مبارك بالتنحي عن السلطة,والتي قال فيها السبت الماضي إن استمرار مبارك في السلطة حيوي خلال فترة الإصلاحات في مصر. وقال مسئولون أمريكيون بشكل سري إن أوباما نفسه أعرب عن إحباطه من تصريحات ويزنر. وبرغم ذلك لم يبلور أوباما استراتيجية حقيقية تجاه الأزمة في مصر منذ اندلاع الاضطرابات هناك, والآن يبدو أن واشنطن تراهن علي عنصر الوقت, ومن الثابت أن الولاياتالمتحدة لا تريد مطالبة مبارك بالتنحي. وأحدث تحول في موقف واشنطن إزاء الأزمة في مصر هو أن الولاياتالمتحدة تدعم المفاوضات التي يجريها نائب الرئيس عمر سليمان مع مجموعات المعارضة المصرية, وهذا شيء خاطئ بحسب تقدير صحيفة واشنطن بوست التي رأت أن الهدف الحقيقي لسليمان هو تقييد التغيير الديمقراطي, وليس دفعه. كما رأت الصحيفة أن أوباما يقف علي الجبهة الخطأ رغم أنه من المطلوب منه وهو الحاصل علي جائزة نوبل للسلام أن يقف علي الجانب الصحيح للتاريخ. وتكمن أزمة الولاياتالمتحدة في أنها تريد من ناحية دعم الإرادة الديمقراطية للشعب المصري ولكنها تخشي في الوقت نفسه من تغييرات جذرية لا تحمد عواقبها إذا انقلبت الأمور في مصر. ولطالما أكد خبراء مستقلون في واشنطن مخاطر وصول قيادة جديدة للسلطة في مصر لأن أي قيادة جديدة حقا لن تكون موالية لأمريكا مثل مبارك وربما أدت إلي سياسة أكثر قسوة تجاه إسرائيل. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس عن مصادر دبلوماسية قولها إن إسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن ضغطت بشكل متكرر ومنفصل علي إدارة أوباما لعدم التخلي بشكل متسرع عن مبارك أو إلقاء ثقلها خلف المطالبين بالحرية, بطريقة قد تزيد من عدم استقرار المنطقة. وقال مبعوث دبلوماسي من الشرق الأوسط أنه قضي12 ساعة علي الهاتف يتحدث إلي المسئولين الأمريكيين.يأتي هذا بالإضافة إلي العديد من الاتصالات الهاتفية بين قادة دول المنطقة وأوباما أو مسئولي الجانبين, وكذلك الزيارة الاستثنائية لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلي واشنطن, والتي جاءت بناء علي طلبه, ولقائه مع نظيره الأمريكي روبرت جيتس خلال ساعات. ويبدو أن هذا الضغط قد أسفر عن نتيجة ظهرت في تصريحات إدارة أوباما بأنها تريد انتقال منظم للسلطة يديره نائب الرئيس المصري عمر سليمان. وفي إطار حملة تخويف الولاياتالمتحدة من استيلاء الإسلاميين علي السلطة في مصر, وصف دبلوماسي عربي الحركة الديمقراطية بأنها مثل القطار الممتلئ بطلاب الجامعات والمدافعين عن حقوق الانسان, ولكن عندما ينزل الطلاب منه ويعودون لدراستهم والمدافعون عن حقوق الانسان يرجعون لأعمالهم, ستجد أن جماعة الإخوان المسلمون هم من تبقي في القطار عند وصوله إلي المحطة.