'نحن هنا' معرض للفنان محسن شعلان افتتحة الاربعاء قبل الماضي بقاعتي أحمد صبري وراغب عياد بمركز الفنون بالزمالك يتضمن حوالي113 لوحة تتضمن بعض الأعمال الحديثة, وبعض الأعمال التي تعبر عن مشواره الفني. محسن شعلان تتسم أعماله بمسحة ساخرة وأسلوب سريالي من المجتمع ومن يعيشون فيه فهم شخوص مع حيواناتهم وطيورهم وكأنهم يتزاحمون أمام الكاميرا فيما يبدو وكأنهم في حالة فضول وحب للظهور, وجوههم قاسية ولكن باسمة أو ساخرة وتؤكد التهشيرات المتوافرة والمتكاتفة هذا الشعور عند المشاهد, وفي لوحاته التصويرية يلجأ إلي تصوير موضوعات درامية عن ضياع الإنسان وتهميشه وقهره أمام قوي البطش الاستعمارية ويستخدم أحيانا شرائح خشبية أو قطعا من القماش المتجعد لتأكيد تلك الأحاسيس عند المشاهد. وتتميز أعماله بطابع تشخيصي يحتوي معظمه علي رموز ذات بعد أدبي واجتماعي وإنساني ولا يخلو من أبعاد ذات مغزي سياسي في بعض الأحيان. واتسمت أعماله في البداية عام(1972) بإتجاه تغلب عليه التعبيرية واستخدام الرمز الادبي لمعالجة قضايا اجتماعية و سياسية وتحمل الوجوه عنده في هذه المرحلة قيما تعبيرية عالية ذات حس درامي وأستمرت هذه المرحلة عنده مع اختلاف تطوير القوالب الفنية لأعماله و حتي الآن. وفي سنة1987 أقام معرضا خاصا تناول فيه( موضوع الخماسين) فكست أعماله غلالة ضبابية أو غلالة الدوامات و الرياح التي أخفت من تحتها معظم التفاصيل الفنية في معالجات العمل الفني. ويمثل الرسم بالأحبار( الأبيض والأسود) والأقلام ملمحا هاما ومتميزا في إنتاج الفنان.. وأقام عددا من المعارض في مجال الرسم فقط إلي جانب مشاركاته في مجال التصوير الزيتي. كان ميلاده ونشأته بحي بولاق وهو من الأحياء الشعبية العريقة كان له تأثيرا واضحا علي الفنان حيث تناول الحياة الشعبية البسيطة في كثير من أعماله. كما كان لذلك ايضا تأثير علي اهتماماته بالبسطاء ورسم وجوههم ومشاكل الحياة اليومية لهؤلاء ووضح ذلك في معرض( هموم مصرية) بمجمع الفنون عام1991. وللفنان إتجاهات أدبية وهو يكتب الشعر وتأثر بوجه الإنسان في جميع أعماله ولا يخلو له عمل من وجود الإنسان كمحور أساس في بناء العمل الفني في أعماله. كما تأثر بلقاءات متعددة مع الفنان الراحل( سيف وانلي) بمرسمه حيث ارتبط به ارتباطا خاصا وتأثر بفنه وكذلك الفنانة الراحلة( تحية حليم) ويري في( عبد الهادي الجزار) قربا داخليا في فلسفة انصهار الشعبيات في قوالب سيريالية ذات مدلولات رمزية, وله نشاطات ومشاركة ثقافية بعضويته في معظم الجمعيات الفنية والثقافية في مصر. وله اهتمامات في مجال الشعر والموسيقي. ويتناول الفنان واقع المجتمع المصري الغني بعناصره ومحتوياته وقيمه الفنية, وقضاياه ومشاكله, ومن واقع الفن كرسالة اجتماعية وثقافية لابد أن تعبر عن هذا المجتمع بكل محتوياته, ومن واقع الرجوع الي معاناة التشكيل لإخراج عمل يرقي الي مستوي فني يدعو الي التأمل والفهم. يقول الفنان محسن شعلان: بعد مرور35 عاما وهي سنوات أكثر بقليل من نصف عمري قضيتها في الفن, اكتشفت خلالها أنني إنصهرت فيها تماما في عشق لم ينازعه عندي عشق آخر. ولم أنشغل ولم يستنزفني أن أحرص علي رصد موقع لنفسي في صفوف التألق أو الشرة مكتفيا وبقناعة تامة بأن أنشغل بالفن في حد ذاته. وتركت يداي وإرادتي في براءة كاملة لتتلقفني إشكاليات واكتشافات وإعجاب وغراميات وصلت الي حد الانجذاب. فكم جذبتني ضربة فرشاة سيطر بها اللون علي سطح لوحة لصلاح طاهر أو بريق دافيء أفصحت عنه بشرة سمراء مفعمة بالأنوثة جاد بها محمود سعيد, أو أحمر جهنمي أسكنه سيف وانلي بتفرد في موقع مستفز ذهبي في إحدي لوحاته, وغير ذلك كثيرون وكثيرون... حسن سليمان وعشق غير محايد للرماديات الحائرة والمستقرة بين حوارات الظل والنور, ورقيقة الحال والوجدان تحية حليم والبرجوازية الاشتراكية إنجي أفلاطون. في كلمته لكتاب المعرض تكتسب التجربة الفنية قيمتها الإبداعية والجمالية عندما يستطيع الفنان تحويلها من' الخاص' الي' العام' ومن المألوف الي الجوهري, وهذا لايكسب التجربة عمومية وشمولية فحسب, وإنما يتيح لها مدي إنسانيا أكبر وأرحب. وهكذا تكشف الأعمال الفنية التي يقدمها الفنان محسن شعلان في معرضه بمركز الجزيرة للفنون, عن توجه إنساني يتجاوز الخاص الي العام. ذلك أن عالم' شعلان' الفني, إنما هو عالم يحمل تجربة حسية تتحرك فيها الأفكار حركة متداخلة, في السعي لمحاولة اكتشاف خصوصية داخلية لعناصره من الكائنات والأشياء وأجساد البشر, حيث هو لايقدم لنا في الواقع رجلا أو امرأة أو طائرا أو حيوانا, إنما يقدم حياة وتوترا. إنه عالم مشحون بالقلق والغرابة ووحشية الروح, يحتفي بالسر ويبحث عن الحقيقة ويصور المضمون بطريقة تحطم الحدود الطبيعية والسيكولوجية بين الوعي واللاوعي, بين العالم الداخلي والعالم الخارجي المحيط به... شخوص تتأرجح بين وجودها الواقعي, ووجودها كمفردات في الاسطورة.