بينما تعد لوحة الموناليزا أو الجيو كندة أيقونة الصورة الشخصية علي مر العصور.. وهي أشهر لوحات فنان عصر النهضة ليوناردو دافنشي. تعد نفرتيتي التمثال المتوج والملون.. أيقونة النحت أو التشكيل المجسم ثلاثي الأبعاد بطول التاريخ.. شكلها أزميل فنان مصر القديمة تحمتس مع مجموعة تماثيل أخري لها.. لكن تظل هي الأكثر روعة وجمالا. ورغم أن هناك تشابها واضحا في حالة كل من الرائعتين.. الموناليزا رائعة الغرب ونفرتيتي رائعة الشرق.. الأولي محفوظة وراء حائط من الزجاج المضاد للرصاص بمتحف اللوفر بعيدا عن وطنها الأصلي إيطاليا.. أما الثانية فتقف بالمتحف المصري ببرلين مغتربة عن أهلها وأحفادها بمصر. إلا أن كل الدلائل تؤكد عظمة نفرتيتي وتفوقها علي الموناليزا من الناحية التعبيرية والتشكيلية مع العراقة والبعد التاريخي.. بما يجعلها بالفعل جميلة الجميلات في العالم. في عام1502 بدأ دافنشي رسم الموناليزا35*77سم زيت علي خشب.. وهي صورة شخصية للسيدة موناليزا الزوجة الثالثة لتاجر الحرير السيد فريشيشكودل جيوكندو.. وقد استغرق رسم دافنشي لها أربع سنوات.. مصورا فيها هذا السحر الذي ينساب من الوجه ويمتد إلي اليدين.. والذي حار فيه النقاد. وفي أحدث دراسة كندية قائمة علي تقنية التصوير الرقمي ثلاثي الأبعاد.. أفادت بأن الابتسامة الغامضة للموناليزا التي رسمها دافنشي هي ابتسامة أمومية لامرأة شابة رزقت بطفل حديث الولادة,, وهذه الدراسة قدمت في العام الماضي, وقد طلبها متحف اللوفر من المعهد الوطني للأبحاث بكندا. أما نفرتيتي التمثال فيعد درة التاج في الكنوز الأثرية التي تركها الفراعنة العظام.. وقد تم اكتشافه في منطقة تل العمارنة علي بعد200 كيلو متر من القاهرة عام1912 كشفت عنه البعثة الألمانية الأثرية برئاسة لودفيج بوخارت. وتم نقله إلي ألمانيا ولم يعرض إلا بعد الاكتشاف بإحدي عشرة سنة في عام1923 مما أثار ضجة وقتها وعلامات استفهام عديدة. والتمثال من الحجر الجيري الملون بارتفاع48 سم وعرض الصدر لا يزيد علي20 سم.. وهو فريد في ألوانه السبعة التي تجمع: الأزرق الوردي لون الجسم الأخضر أحمر الشفاه القاني الأصفر والأسود والأبيض. وهو يصور الجمال الهادئ لملكة مصر نفرتيتي التي شاركت زوجها الملك اخناتون أول من نادي بالتوحيد في التاريخ.. لأكثر من18 عاما في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وجمال التمثال يكمن في الخد الأسيل والعنق الفارع الطويل والشفاه الرقيقة الحالمة والنظرة التي تنساب من عينين لوزيتين.. ومثلما يبدو أجمل في زواياه الجانبية من الأمام.. يبدو العكس بالعكس بما يعد رمزا عالميا للجمال والأنوثة. واذا كانت الموناليزا قد اشتراها الملك فرنسيس الأول ملك فرنسا من مبدعها دافنشي.. وكانت تربطه به صداقة كبيرة وقد استضافه بقلعة كلو الفرنسية بدءا من عام1516 وحتي رحيله عام1519 وكان يدخل معه في مناظرات فلسفية طويلة.. وقد وضعت الموناليزا بقصر فرساي بعد الثورة الفرنسية.. علقها نابليون الأول بغرفة نومه.. ثم انتقلت إلي مكانها الحالي بمتحف اللوفر. إلا أن نفرتيتي تم تهريبها إلي ألمانيا.. وهناك روايات عديدة حول كيفية ذلك.. إحداها تشير إلي أن طبيبا ألمانيا اصطحبها معه بعد أن أخفاها في سلة بها خضراوات, وفي رواية أخري أن التمثال غطي بطبقة من الحص جعلته يبدو كقطعة عادية من الحجر. وتقول الرواية الثالثة أن التمثال سوي عمدا بالطين وتاهت معالمه كنوع من التمويه فلم يلتفت إليه أحد من المسئولين بالمتحف المصري. ورغم أنه من المفروض أن يكون من نصيب مصر.. فقد كانت شروط الاتفاق بين الحكومة المصرية والبعثة الألمانية يقضي بأن من حق مصر أن تحتفظ بأي أثر فريد تعثر عليه البعثة.. أما الآثار المتشابهة فيجري اقتسامها بين الجانبين. ومن هنا استخدم الغش والخداع والسرقة الساخرة حتي خرج التمثال من مصر إلي ألمانيا. ومن هنا أيضا كان لمصر الأحقية الكاملة في عودة التمثال من جديد إلي وطنه.. وقد طلبت الحكومة المصرية إعادة نفرتيتي عام1933 وكان رد هتلر: نفرتيتي تدخل السرور إلي قلبي.. والتمثال قطعة فنية فريدة وكنز حقيقي.. ولن أتخلي عن رأس الملكة إلي الأبد ورغم هذا كررت مصر طلبها بعودة الملكة الجميلة. ومع بداية العام الجديد.. نؤكد دعوة وزارة الثقافة من أجل أن تعود نفرتيتي إلي أهلها وتعيش بين أحفادها.. وحين يثبت هذا الحق المشروع.. يمكن لنا أن نتنازل عنها لألمانيا ولكن علي سبيل الاستعارة فقط.. بمعني آخر.. نطلبها في أي وقت للعرض بمصر في المناسبات التي تتراءي لنا وأيضا للعرض بالخارج.. ثم تعود إلي المتحف المصري ببرلين.. معارة مرة أخري.. كل هذا من أجل لقاء الحضارات.. لقاء الشرق والغرب. واذا كان اسم نفرتيتي يعني: الجميلة قد أتت.. فليأت إلينا مع افتتاح المتحف المصري الكبير.. يحتفي بها أهلها وتسعد بهم وسط أشقائها. مع كل الأمنيات لجميلة الجميلات. المزيد من مقالات صلاح بيصار