جاء قرار اعتزال المطرب الكبير محمد العزبي الذي انفردت به الأهرام في صفحتها الأخيرة يوم الثلاثاء الماضي18 يناير بمثابة صدمة كبري لعشاق الفن الأصيل, خاصة أن فنانا بحجمه. وقامته الطويلة في فن الأداء الطربي قدم للذائقة المصرية والعربية ألوانا من الغناء ارتبطت ارتباطا وثيقا بالوجدان الشعبي والوطني والرومانسي العاطفي الذي يخاطب شرائح العامة والبسطاء جنبا إلي جنب مع باقي شرائح المجتمع المصري عبر تشكيلة رائعة من الأغاني التي ما أن ان يقترن اسم العزبي سرعان مايجول بخاطرنا نبرة صوته في أعالي طبقات موال الحب والعشق والحنين, وعلي الفور نسمع صدي صوته بين أعمدة وسواري الأقصر التي تجسد عبقرية المكان والزمان التي أذهلت العالم وجعلت مصر قبلة سياحية بامتياز, ماتوجه فنانا قديرا ورمزا من رموز الغناء المصري رغم مايغلف الساحة من فوضي عارمة وضجيج غنائي جرف الأغنية نحو حافة الهاوية. ورغم مايعتري الساحة الآن من ألوان تغريبية يطلق عليه عشوائيا أغنية شبابية, فقد ظل العزبي محافظا علي درب أصالته كالقابض علي الجمر مؤكدا عبر صوته ودون قصد أن فنه الشعبي الجميل يمكن أن يعيش طويلا طالما يحمل كلمة صادقة ولحنا عذبا شجيا, يقوي علي مواجهة عوامل التعرية التي أصابت هذا اللون من الغناء بالسكتة القلبية التي تصيب الأغنية الشعبية فور ولادتها. من منا يمكن أن تسقط من ذاكرته عمدا أو بغير قصد روائعه الغنائية المتنوعة علي مستوي الشكل والمضمون في عيون بهية,ياسين,شفيقة ومتولي,قسم ياناياتي,توب الصبية,فكهاني,روايح, السد العالي,إزاي الصحة, وصولا إلي آخر ما تغني به أوبريت الضمير العربي الذي قدمه مع مجموعة كبيرة من مطربي العالم العربي. العزبي من جانبه أكد ل فنون الأهرام أنه يشكر الله سبحانه وتعالي أن منحه قدرة الابتعاد عن الوسط الغنائي في الوقت المناسب بعد مشوار طويل في عالم الفن يقترب من الخمسين عاما, قدم خلالها العديد من الأعمال الفنية المشرفة- علي حد تعبيره-, وتعاون خلالها مع كبار نجوم الكلمة والتلحين في مصر مثل:الموسيقار عزت الجاهلي,بليغ حمدي,رياض البندك,علي عشماوي,محمد عبدالعليم, والموسيقارالرائع علي إسماعيل,وغيرهم وفي مجال الكلمة:عبدالرحيم منصور,عبدالسلام أمين, نجيب نجم, محمد زكي الملاح, طه شلبي,نبيلة قنديل وآخرين. وأضاف العزبي: أحمد الله سبحانه وتعالي أن اسمي لم يقترن في يوم من الأيام بأية شائعة سيئة أو فعل مشين أخجل منه, فقد كنت دوما فنانا عصاميا بني نفسه بنفسه وتحمل كثيرا من الصعاب حتي يبني اسمه ويحفره في ذاكرة عشاق فنه الأصيل بفضل توفيق ربنا, وأرجع قرار اعتزاله لعوامل ترتبط بكبر سنه,وهوسعيد بهذا القرار,مكتفيا بما قدمه من أغنيات وأفلام,مبتهلا لله ماتبقي من أيامه القادمة, ومؤكدا أن الفن صفحة وانطوت في حياته,بعدما قدم ما عليه تجاه الناس الذين أحبوه وكرموه وطوقوا عنقه دوما بالتصفيق تقديرا لفنه الذي أصابهم بالمتعة ولمس شغاف قلوبهم في كثير من المحافل المحلية والعربية والدولية, في وقت لم ينل فيه حقه من التكريم من قبل المسئولين. جدير بالذكر أن محمد العزبي عشق الغناء الشعبي وتميز فيه من خلال عشقه للمطرب محمد عبدالمطلب, وبدأ الغناء وعمره17 عاما وتم اعتماده في الإذاعة المصرية وعمره20 عاما,وفي نهاية الخمسينات التحق بفرقة رضا, ومن خلال هذه الفرقة قدم العديد من الأغنيات التي ما زالت محفورة في وجداننا حتي الآن منها قطرالثورة,خمس فدادين,الناي السحري,الاقصر بلدنا,حتشبسوت,يا مراكبي,وطاف العزبي العالم وغني علي أكبر مسارح العالم مثل:ألبرت هول في بريطانيا, والأولمبيا بفرنسا, قاعة موتسارت بألمانيا, وسيتي هول بهونج كونج, وقام بالبطولة الغنائية في العديد من الأفلام مثل: أجازة نصف العام, غرام في الكرنك, تفاحة آدم, وفاز بجائزة الغناء الشعبي في مهرجان الشباب بصوفيا عامي1964, و.1965