رئيس وزراء أسبق أراد أن يلبس الرشوة تعبيرا مهذبا, فأطلق عليها إكرامية, وهو تعبير مهذب يتناقض تماما مع الفساد الذي يترتب علي هذه الفعلة المستنكرة, سواء من مقدمها أو من طالبها أو متقبلها, وأخيرا قرأت من يصف الرشوة بأنها المدفوعات غير القانونية التي مهما أطلق عليها من مسميات فإن وجودها يمثل عين الفساد الذي لا يمكن تبريره بأي دعوي من الدعاوي مثل عدم مواكبة دخول الموظفين لغلاء المعيشة, وارتفاع الأسعار, فالحرة علي رأي المثل تجوع ولا تأكل بثدييها. أردت بهذه الرسالة أن أعبر عن الألم النفسي الشديد الذي لازمني إثر تجربة سيئة عاصرتها عند التعامل مع أحد الأجهزة الحكومية الخدمية حيث سددت لها رسما لخدمة المطلوب بخزينتها, ومع الرسم سددت مقابل انتقال اثنين من موظفيها لإجراء لمعاينة المطلوبة, وكان معي مرافق يعاونني وقمنا علي نفقتنا بنقلهما إلي الموقع المقصود وإعادتهما إلي مقر عملهما عقب المعاينة, وإذا بكبيرهما يظل واقفا خارج مكتبه ويومئ لمرافقي إيماءة لم أتفهمها, وإذا بزميلي يعود إلي طالبا مبلغا من المال بدعوي أنها مجرد إكرامية يطلبها ذلك الموظف حتي يتمكن من إعداد تقرير المعاينة برغم أنه لم يطلب منه التقرير بما لا يتفق والواقع الذي عاينه, وعلما بأن الموظف المقصود تبدو عليه الوجاهة وعدم الحاجة, فهو يرتدي حلة فاخرة ولم يكف عن تدخين سجائره وهي من أفخر أنواع السجائر, ولقد شعرت بالندم الشديد عقب استجابتي لطلبه واستسلامي وتمكينه بأن يسرقني بيدي, فاستغفرت الله عن نفسي, وطلبت الهداية لهذا الموظف وأمثاله. محاسب مظهر نجيب عبدالشهيد وكيل أول سابقا بجهاز المحاسبات