هل الدول المتقدمة التي تفخر بلغتها القومية وتحرص عليها حرصها علي كرامتها الوطنية, وتغار عليها من أي غزو لغوي دخيل, وتسن التشريعات لحمايتها ومنع استخدام أي مفردات وحروف أجنبية في جميع مجالات الحياة وأنشطة الدولة, هل هذه الدول تهتم بأمر كمالي وشكلي لا يستحق منها كل ذلك الحرص! كلما وقعت عيناي علي إعلان مكتوب باللغة الإنجليزية أو لافتة تحمل اسما أجنبيا لمنتجع أو قرية سياحية أو محل تجاري أو شركة أو تتر في نهاية أغنية فيديو كليب تعرض لنا المشاركين في انتاجها للغة الإنجليزية أو اسما أجنبيا لقناة فضائية أو برنامجا تليفزيونيا, كلما رأيت هذا الاحلال المتبجح والمبتذل للاسماء الأجنبية بديلا عن العربية يغلي الدم في عروقي واتساءل: أين مثقفونا واعلاميونا من هذا الاجتراء المشين علي لغة بلدهم؟ ألا يغارون علي لغتهم الجميلة وتراثهم الثقافي الذي وصل إلينا وحفظته المجلدات والكتب عبر التاريخ محمولا علي جناحي هذه اللغة بثرائها الأدبي البليغ؟! ألا تحتل اللغة العربية في وجداننا من الاجلال والاعزاز والفخر والمكانة ما تحتله اللغات الأجنبية في مشارق الأرض ومغاربها في نفوس ووجدان شعوبها وأبنائها؟ إنني أزعم أن لغتنا العربية تحتل قدرا ومكانة أكبر من الاعزاز والحب والشرف لأنها تلك التي اختارها رب العالمين لتكون وسيلته سبحانه في ابلاغ رسالته الخاتمة للعالمين, ويحار المرء وهو يري تفاقم هذه المأساة القومية دون أن يتحرك أحد من أولي الأمر ليضع حدا لهذا التغريب المشين لحياتنا في مختلف المجالات والأنشطة, رغم تعارض هذا الغزو اللغوي صراحة مع الدستور! أين مجمع اللغة العربية الذي تفخر به مصر والدول العربية قاطبة من هذه المأساة؟ وما هي آلياته للتصدي لهذا الغزو القبيح؟ وهل لم يعد أمام الغيورين علي لغة هذا الوطن سوي اللجوء إلي القضاء حصننا وملاذنا الأخير ليضع حدا لهذا الاجتراء المشين علي لغة الضاد؟ محمد سعيد عز