الشرقية من نيرمين الشوادفي: قررت نيابتا بلبيس وفاقوس بالشرقية حبس سائقي النقل المتسببين في مصرع32 شخصا من بين36 لقوا مصرعهم في المجزرة الجماعية التي شهدتها طرق محافظة الشرقية, وكان من بينهم14 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين9 و16 سنة, كانوا في طريقهم للعمل في حدائق البرتقال لإعالة أسرهم والإنفاق عليها. انتقلت الأهرام إلي منازل الضحايا وكان أولها منزل أسرة عبدالله عبدالسلام الأب المكلوم الذي فقد أربعة من أبنائه, بينما لا يزال الخامس يصارع الحياة والموت بغرفة الرعاية المركزة بمستشفي الأحرار فالأب يكاد يفقد عقله ولا يقوي علي الحراك لايصدق أنه لن يري أبناءه الأربعة ثانية الذين خرجوا طلبا للرزق وعادوا إليه جثثا ليواريهم التراب, ورغم برودة الجو القارس لم يتحرك أو يهتز وكأنه في عالم آخر وكان البعض من جيرانه من أهالي القرية يتحسسه من حين إلي آخر للتأكد من بقائه علي قيد الحياة.. أما الأم والدة الضحايا فلم يقو أحد علي البوح لها بحقيقة ما حدث, واكتفوا بإخبارها أنهم مصابون نتيجة الحادث وسيعودون قريبا. وكان عزت عبدالله عبدالسلام27 سنة وهو الابن الأكبر الذي لقي مصرعه حاصل علي دبلوم التجارة منذ5 سنوات وكان يساعد أسرته بالعمل منذ الصغر وبعد تخرجه بدأ في توفير تجهيز احتياجات زواجه وتزوج ليقيم مع والده داخل إحدي غرف المنزل وهو حلم يسعي إليه الأعزب بمنازل القرية كلها بأن يحصل علي غرفة بمفرده. أما الابن الثاني محمد22 سنة فقد خرج للعمل هو الآخر عقب حصوله علي مؤهله المتوسط ليلحق بشقيقه للعمل في مجال المعمار, وهو متزوج أيضا وكان ينتظر مولوده الأول, أما الشقيق الثالث يوسف15 سنة وهو في الصف الأول الثانوي التجاري, والذي طالما عرف بتفوقه هذا ما أكده صلاح محب عمدة القرية السابق مدير المدرسة الإعدادية, حيث أشار إلي أن يوسف حالت ظروف أسرته دون إستكمال تعليمه بالثانوي العام, أما أصغر أبناء وضحايا الحادث كان صبحي13 سنة فهو لم يكمل تعليمه الإعدادي ليستطيع مشاركة أشقائه في رحلة الكفاح والتي بدأها مبكرا, كما تبين أن عم الضحايا لقي مصرعه معهم والذي كان برغم عمله بأحد المعاهد الدينية فإن دخله لم يكن يكفي احتياجات أسرته المكونة من4 بنات وولدين تتراوح أعمارهم مابين23 و11 عاما فلجأ إلي العمل بالمعمار لسد احتياجاتهم. وكان من بين ضحايا الحادث محمد عبدالعزيز غريب14 سنة, وهو الابن الأكبر لوالده وله3 أشقاء آخرين وهو العائل الوحيد لهم لإصابة والده بإعاقة بعد عملية بتر لجزء من قدمه, فترك الطفل تعليمه ليتحمل هو مسئولية أسرته والانفاق عليها. أما محمد فتحي عقل21 سنة فقد عقد قرآنه الأسبوع قبل الماضي وكان يستعد لاتمام زفافه خلال أيام, وقال شقيقه الأصغر أسامة وهو يحتضن صورته إن شقيقه قبل أن يسافر بساعات كان يجلس معهم وهو سعيد فرح ويتحدث علي أنه كان يعتزم شراء ملابس لشقيقاته أثناء شرائه لبدلة الفرح. كما روي أهالي القرية أن الضحية كمال عبدالحميد بكري28 سنة انه لم يحصل علي مؤهل وخرج للعمل لمساعدة والده المزارع والانفاق علي أسرته ورعايتها فهو لديه4 أشقاء وكان ينتظر حادثا سعيدا أيضا فزوجته كانت علي وشك الولادة للمرة الأولي, ويذكر أن آخر لقاء له مع زملائه كان حريصا علي العمل لفترات أطول رغم ظروف الطقس البارد ولم يكن يسمح لنفسه بالحصول علي يوم للراحة لشراء احتياجات طفله الجديد. ومن ناحية أخري, باشرت نيابة بلبيس باشراف المستشار طارق أبوزيد المحامي العام لنيابات جنوبالشرقية تحقيقاتها, وقررت حبس سائق النقل عمرو رجب رزق بتهمة القتل الخطأ والاستعلام عن حالة المصابين لسماع أقوالهم في الحادث واستعجال تقرير المعمل الجنائي, كما قررت نيابة فاقوس باشراف المستشار حسام النجار المحامي العام لنيابات شمال الشرقية حبس سائق النقل المتسبب في حادث مصرع الأطفال العشرة.