فتحت السيول التي هطلت فوق سلاسل جبال البحر الأحمر وأسوان والعريش وأبو صوير شهية علماء البيئة ودارت مناقشات عاصفة بدأتها المجالس القومية المتخصصة. حيث ناقشت شعبة البيئة المهام المنوطة بها إدارات الأزمات والكوارث في الوحدات والمراكز والجامعات والمؤسسات والهيئات والشركات, ولم نسمع عن تحرك بعد الضربة المناخية, وغضب الطبيعة الجامح مما عرض حياة المواطنين للخطر وخطفت السيول في3 ساعات كل ما يملك الإنسان من مأوي, وملبس ومأكل وأوراق مهمة, ونقود وأدوات كهربائية, وسيارات, وضاعت تحويشة العمر من شرفاء كدوا وعرقوا لبناء مشروع, أو استصلاح أرض, أو افتتاح متجر يرتزق منه, وضاع كل شيء حتي الكتب المدرسية, وامتحان نصف العام, ولم يتبق من ملامح الحياة سوي الدمار... ودخل تغير المناخ في تحد جديد للأرض المصرية. فالسيول, هي نعمة لمن استعد لها, ولم يكن أحد يتوقع أن تسقط هذه الكمية من الأمطار في زمن لا يتعدي ثلاث ساعات أضعاف أضعاف ما يسقط في سنة كاملة, ففي وسط سيناء هطلت كمية من الأمطار تقدر بنحو500 ملليمتر, بينما معدل الهطول السنوي100 مللميتر. إن مواقع السيول قد تختلف من فترة إلي أخري, وعندما ذهب الخبراء إلي مدينة دهب جنوبسيناء بحثا عن تحديد مخر للسيول بتعاون مصري أوروبي عثروا بالصدفة علي مدقات غير معروفة ويستخدمها تجار المخدرات والسلاح. والأمر الغريب... أن يتم البناء في مخرات السيول والأغرب أن أنابيب البترول التي عبرت المخرات لم تكن قادرة علي الصمود وانفجرت وانسكب البترول علي الاراضي المستصلحة لتموت إلي الأبد. الكوارث الطبيعية التي ضربت الأرض المصرية تعيد للأذهان أن ما نسمعه لا نراه من مراكز البحوث, ووحدات الكوارث, رغم أن التنبؤات الجوية أشارت إلي هذا الاحتمال, ويبدو أن المطلوب من الارصاد الجويه أن تقسم بالله العظيم أن هناك سيولا متوقعة, لاسيما ونحن في فترة الانقلاب الحراري من الخريف إلي الشتاء, وما يحدث من اضطرابات عنيفة, وعلي حد تعبير العلماء أن السيول والكوارث الطبيعية مثل الإرهاب لا يعلم أحد متي وأين تأتي؟ فلابد وأن نكون مستعدين. نحن نعلم أن لدينا خططا للكوارث والطوارئ... ولدينا معاهد بحثية, وبرامج دراسية, ورسائل للماجستير والدكتوراه في الكوارث الطبيعية التي من صنع الإنسان... ولدينا خطط وبدائل لسرعة درء الأخطار, وتقليل الخسائر قدر الإمكان... وتقليص أعداد الموتي... والمصابين, وإنقاذ المحاصرين وإعداد وإخلاء المواقع, وتنفيذ غرف عمليات, ومستشفي ميداني, ومركزي, لتحويل الحالات.. وطائرات مروحية لنقل المعزولين والمصابين والأطفال والشيوخ, كما ينبغي أن تكون هناك سيناريوهات بديلة ومتعددة لكل الاحتمالات.. يا سادة يا كرام... تبعات تغير المناخ نلمس ملامحها من الآن انظروا حول العالم, وما يحدث به من كوارث وزلازل وأعاصير وفيضانات... وسوف تتوقعون كل شيء... نحن لسنا في مأمن من أي احتمال, لأن تغير المناخ أصبح قضية كونية.