بعد مرور100 عام علي وفاته و احتفالا بهذه الذكري, تحققت وصية أعظم كاتب أمريكي ساخر وأبو الأدب الأمريكي مارك توين الذي أبدع في خلق شخصيات توم سوير وهكلبري فين. ففي عام1910 عثر علي ما يقرب من خمسة آلاف صفحة غيرمنقحة من مذكرات له عكف علي كتابتها بخط يده في آخر عشر سنوات من حياته, ومع هذه المذكرات رسالة مفادها أنه لا يريدها أن تري النور إلا بعد مرور قرن من الزمان. اختلف الدارسون حول السبب الذي جعل توين يرغب في إبقاء قصة حياته غير معلنة كل هذه المدة, فقد اعتقد البعض منهم بأن السبب يعود إلي أن توين أراد أن يتحدث بحرية حول شئون عامة مثل الدين والسياسة دون أن يسبب أي احراج لمن حوله, ويجادل آخرون بأن الفارق الزمني قد جنبه مشاعر القلق الناجمة عن إهانة الأصدقاء و المعارف, في الوقت الذي أكد فيه البعض أن السر في تأخير نشر مذكراته, أن الكاتب, الذي كان مولعا بالشهرة, يضمن بذلك بأنه سوف يكون موضع الأحاديث والشائعات خلال القرن الحادي والعشرين. وقد تحقق لتوين ذلك. فبعد نشر الجزء الأول من سيرته الذاتية في شهر نوفمبر الماضي اختفت النسخ من علي أرفف المكتبات, فتم اصدار6 طبعات بعدها و بيع ما يقرب من275000 نسخة حتي الآن, ووصل الكتاب لقوائم الأفضل كتب مبيعا في الولاياتالمتحدة, وما زالت الطلبات تنهال علي الناشر خاصة في فترة أعياد الكريسماس. بعض من اطلع علي تلك المذكرات من الدارسين والأكاديميين يري أن الكثير من آراء توين الشخصية و جوانب حياته التي تظهر فيها قد يضر بالصورة التي رسمها قراء توين و محبوه له, فالمذكرات تتناول بعض آراء توين ومعتقداته الدينية والسياسية, بالإضافة الي الانتقادات التي وجهها توين الي أصدقائه ومعارفه وبعض الشخصيات العامة التي عايشها. وقد أوضح الكاتب الاميركي مارك توين قبل وفاته انه اراد أن يكون واثقا من تمتعه بحرية كاملة ليبوح بكل ما بداخله بصراحة تامة, لذا عندما تنشر قصة حياته كما خطط لها في آخر مشروع ينفذه, سيكون ميتا, لا يشعر بشيء ولا يكترث بشيء. ولد مارك توين في مدينة فلوريدا بولاية ميسوري الأمريكية سنة1885 واشتهر برواية مغامرات هاكلبري فين(1884) و التي عرفت بأنها الرواية الأمريكية العظمي, و رواية مغامرات توم سوير(1876) كان أبوه تاجرا, انتقل مع اسرته و هو في الرابعة من عمره الي مدينة هانيبال علي نهر المسيسيبي, وقد استلهم توين مدينته الخيالية في مغامرات توم سوير ومغامرات هاكلبري فين من هذه المدينة, وكانت ولاية ميسوري في ذلك الحين تتبع نظام العبودية مما كان له أكبر الأثر في روايات توين. عمل توين بعد وفاة والده في مطبعة, وبدأ يكتب المقالات والإسكتشات الساخرة لجريدة هانيبال والتي كان يملكها شقيقه أوريون, وفي الثامنة عشر من عمره ذهب الي مدينة نيويورك وفيلادلفيا و غيرها من المدن, وعمل في مجال الطباعة وهناك بدأ في تعليم نفسه فكان يقصد المكتبات العامة كل مساء ليقرأ كتبا في شتي المجالات. حقق توين أول نجاحاته الأدبية عندما نشر قصة الضفدعة النطاطة القادمة من مقاطعة كالافيراس سنة1857 في جريدة نيويورك ساترداي برس. ويري الأمريكيون أن الفضل يرجع إلي شخص واحد في تطوير الرواية الأمريكية هو مارك توين الذي كان يري أن الأصالة هي التي تدفع الكاتب إلي البحث عن جذور أدبه في تربة وطنه.