أصدرت دار الساقي مؤخرا الرواية التي لم تجرؤ مؤلفتها علي نشرها في حياتها. بعد أن غيرت دار النشر عنوانها من: خدني بين ذراعيك إلي عنوان تجاري مثير هو: الرواية الملعونة. وأمل جراح صاحبة الرواية التي خانتها جرأتها ورفضت نشرها في حياتها. كانت شاعرة وناقدة وصحافية ولدت في مرجعيون جنوب لبنان عام.1945 من أبوين سوريين مع نشوب حرب النكبة الأولي. فلسطين.1948 وكانت أمل في الثالثة من عمرها. غادرت الأسرة لبنان إلي سوريا. وهناك تزوجت من الروائي السوري: ياسين رفاعية. وأنجبت منه ولدين: بسام ولينا. وتوفيت في بيروت عام2004. قبل ست سنوات ووريت ثري مقبرة الشهداء في بيروت. بناء علي وصيتها. وقد أجرت مجلة الحسناء اللبنانية في سنة.1968 السنة الأولي بعد جرح النكسة العربية الكبري في السابع والستين. وسنة الشباب الذي هز العالم القديم. وهذا معناه أن الأحداث الكبري التي مرت بمصر والوطن العربي والعالم. لم تمنع أهل الأدب من أن يكون لهم واقعهم الخاص بهم. وأيضا تجليات إبداعهم وكتاباتهم برغم الأحداث العظمي التي مروا بها. ويخيل إلي أن إدارة الظهر أحيانا للحوادث الكبري مسألة أكثر من مهمة للأديب. خاصة الروائي. فكتب التاريخ الأدبي تقول لنا أن مارسيل بروست كتب: البحث عن الزمن الضائع أثناء الحرب العالمية الأولي. والبطولة هذه ليست في كتابة مثل هذا النص الذي يجمع الجميع علي أنه من النصوص المؤسسة للاتجاهات الجديدة في الكتابة الأدبية في القرن العشرين وما تلاه, ولكن في أن أحداث الحرب الكويتية الأولي. لم تصرف نظر مارسيل بروست عن نصه ومشروعه وأوراقه وكتابته. حتي لو كان مرضه المزمن هو سبب الانصراف. لقد أحسنوا صنعا. أنه في بيروت في سنة1968 من يذكر تلك الآيام؟- كانت هناك مسابقة أدبية تولتها مجلة الحسناء. وكان رئيس تحرير المجلة أنسي الحاج. أتوقف أمام أمرين: أن مجلة الحسناء تقيم مسابقة في الكتابة الأدبية. وأن أنسي الحاج في هذا الزمان البعيد جدا. كان رئيس تحريرها. إن المجلة النسائية التي تقيم مسابقة في الكتابة الأدبية. مسألة لم يعد لها وجود في زماننا. أما أنسي الحاج فهو يستحق وقفة أخري قادمة. فلي معه من بعيد حكاية. شملت المسابقة: المسرحية والرواية ومجموعة القصص القصيرة أو الحكايات. هكذا يقول الإعلان المنشور عن المسابقة. فانظر كيف كانوا ينظرون للقصة القصيرة في ستينيات القرن الماضي في بيروت. مع أن الحكايات أبعد ما تكون عن القصة القصيرة. لا في النشأة ولا من حيث التطور اللاحق وكان من فنون المسابقة: الشعر والمسرح والرواية. لجنة التحكيم كانت مؤلفة من الآنسة غادة السمان. وكانت غادة السمان آنسة في هذا الزمان والأستاذين جبرا إبراهيم جبرا. ويوسف الخال. ونتيجة المسابقة جاءت علي النحو التالي: حجب جائزة المسرحية. سؤالي: هل كانت الكتابة للمسرح تعاني من مشاكل الإقبال عليها؟ منح جائزة أفضل ديوان شعر للسيدة سنية صالح سورية علي مجموعتها: حبر الإعدام. منح السيدة سلوي صافي لبنانية جائزة أفضل مجموعة قصص قصيرة علي مجموعتها: حديقة الصخور. منح السيدة أمل جراح سورية جائزة أفضل رواية علي روايتها: خذني بين ذراعيك. ويذكر أن قيمة كل من الجوائز المعطاة هي5000 ليرة لبنانية. وبمناسبة فوزها أجرت معها مجلة الحسناء حوارا عنوانه: قلبي المتعب هو معلمي الأولي. قالت فيه عن روايتها الفائزة أنها أرادت أن تقول من خلالها أن علي الإنسان أن يطلق العنان لعواطفه ولا يحبسها أو يكبتها. إن الإنسان مخلوق ضعيف وحياته لحظات بالنسبة إلي الزمن ويجب أن يعيش هذه الحياة كما يجب. وأن يبحث عن سعادته فيها بأية وسيلة. ثم عليه أن يدرك أن القدر يقف له بالمرصاد. وعن الكاتبات اللاتي يعجبنها ذكرت غادة السمان وكوليت خوري وليلي بعلبك. أما عمن تحبهم من الشعراء فحددت: نزار قباني, أدونيس, أنسي الحاج, يوسف الخال, بلند الحيدري, محمد الماغوط, السياب, علي الجندي وخليل خوري. وفي القصة: حليم بركات, جبرا إبراهيم جبرا, زكريا تامر, ياسين رفاعية زوجها أو من أصبح زوجها فيما بعد وليد مدفعي وعبد الله الشيتي. تقول هؤلاء قرأت لهم. ربما هناك آخرون لا أعرفهم. وعندما تسألها المجلة هل أنت متزوجة؟ ترد قائلة: بل أنا عاشقة. لولا أنها قالت في آخر إجابتها أن هناك آخرين لا أعرفهم. لاتهمتها بأنها شامية الهوي. شامية القراءة. شامية المتابعة. شامية الإعجاب. فلم تذكر في إطار قراءاتها السابقة أي كاتب يخرج عن حدود الشام. لا من مصر ولا من الجزيرة العربية. ولا من شمال إفريقيا. ولا من أطراف الوطن العربي. وهو تحيز شامي يبدو أنه قديم في نفوس أبناء الشام. وأنا ما كنت أحب التوقف أمام هذه المسألة لأن إعجابي بالمبدعين العرب الذين سبقوا تسمية الدويلات أن المتنبي مثلا من المستحيل أن تعرف لأي قطر عربي ينتمي. هو شاعر عربي وكفي. سألوها إن كانت تأثرت بأحد في كتاباتها. ومن الذي تعتبره معلمها الأول؟ قالت: تأثرت بنفسي أولا. ومعلمي الأولي هو قلبي المتعب الذي يغذبني باستمرار. وعن قلبها المريض قالت: كنت سأموت لولا أنني أنقذت في18 تموز سنة.1967 إذ أجريت لي عملية جراحية في ليبزغ. ذلك اليوم اعتبره ميلادي الحقيقي. وعند سؤالها هل شفيت؟ قالت ليس تماما. أحس الحياة تفر من بين أصابعي كالزئبق. وقالت أن في روايتها كل أسي قلبها. وعن حلمها وقت إجراء الحديث معها قالت: أريد أن أحيا بضع سنوات أخري. وعندما وصفها من حاورها بأنها متشائمة. قالت أنها خائفة. وأن الحياة جميلة. ومن أسئلة ذلك الزمان الجميل الذي مضي: لو أن هناك من سيمنحك مائة ألف ليرة ماذا ستصنعين بها؟ قالت: سأشتري بيتا علي البحر. فأنا بحاجة إلي الراحة. آه كم أتمني أن أرتاح. فأنا متعبة حتي العياء.