كم عدد الذين عليك أن تقتلهم قبل أن ينطبق عليك وصف السفاح ومجرم الحرب؟ مائة ألف؟ كنت أظن أن هذا العدد يكفي ويزيد.. ومن ثم فمن الإنصاف استدعاء بوش وتوني بلير للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية. ولكن بوش ذكي بارع إذ رفض التصديق علي إنشاء تلك المحكمة.. لايعلم أحد علي وجه الدقة عدد الضحايا في العراق.. ولكن الجنرال تومي فرانكس لايعنيه الأمر.. إنه يقول.. نحن لانقوم بإحصاء الجثث.. عراقيون يقولون إنهم مليون شهيد.. أيام الحرب علي العراق نشرت الصحف صورة لتوني بلير يقبل خد غلام عراقي.. وقالت الكلمات المنشورة تحت الصورة.. طفل ممتن وبعدها بقليل قتلت الطائرات العائلات ونشرت بعض الصحف خبرا صغيرا في صفحة داخلية لطفل عراقي آخر مقطوع الذراعين يتساءل متي يعود لي ذراعاي؟ بالطبع هذا الطفل لم يحتضنه بلير فهو لايحتضن المشوهين ولا أي جثة يسيل منها الدم فالدم قذارة.. إنه يلوث قميصك ورباط عنقك عندما تلقي خطبة تنطق بالإخلاص في التليفزيون.. وأحسن تعبير عما يحدث سوف تجده في قصيدة الشاعر بابلو نيرودا.. أشرح بعض الأمور في الصباح ذات يوم هبت النيران.. من باطن الأرض.. فازدردت بني البشر.. وانقض بارود البنادق منذ تلك الآونة.. وسالت الدماء منذ تلك الآونة.. وجاء قطاع الطرق بالطائرات وعلي الأصابع الخواتم في صحبة الدوقات.. وجاء قطاع الطرق بصحبة الكهان عندنا كي ينشروا البركات.. جاءوا من السماء حتي يقتلوا الأطفال.. كانوا كمثل بنات آوي.. كانوا أفاعي قد يراها الأفعوان رجسا.. أيها الجنرالات.. هيا تعالوا كي تروا هذي الدماء في الشوارع.. انتهت القصيدة.. ولكن لم تنته مسئولية أمريكا التي تمتلك ثمانية آلاف رأس حربية نووية نشيطة وفورية الإطلاق وألفين جاهزة للإطلاق في غضون خمس عشرة دقيقة.. وإنني أتساءل عمن يستهدفون بتلك الأسلحة؟! هل هو أسامة بن لادن؟ أنت؟ أنا؟ الصين؟ باريس؟.. من يدري.. لافض فوك يا أيها الرائع هارولد بنتر.. أنت قلتها كلمة حق في حفل تسلمك جائزة نوبل عام2005.. كما كانت خطبة رائعة ونبيلة وشريفة.. ولاتقل روعة عن مسرحياتك العشر البديعة التي ترجمها الرائع الدكتور محمد عناني.. وأنت تحتار أيهما أروع؟ عناني أم بنتر؟ هذه الحساسية وهذه الروح الإنسانية الفياضة من كليهما المسرحي والمترجم.. وأنت عندما تتابع مسيرة كل منها تري المصداقية العالية والإخلاص الشديد للإبداع وللأدب وتري البساطة والتواضع والعفوية.. وإذا كان رخمانينوف يقول إن الترجمة هي قفا السجادة.. فأغلب الظن أنه لم يقرأ ترجمات عناني التي دائما ماتطلق عناني وعنانك إلي آفاق من التحليق الإبداعي غير مسبوقة.