معاملة الرجال السيئة للنساء إذن, حسب الأسطورة التي أوردناها في مقالتنا السابقة للثائر الإفريقي جومو كينياتا, ليس سببها أنهم, الرجال, يرون في المرأة مخلوقا ضعيفا وتحت رحمتهم. ولكن بسبب اعتقادهم أن في استطاعتهن أن يستعدن ثانية قوتهن القديمة التي ضاعت مؤقتا, وبسبب أن هؤلاء الرجال ما زالوا يحتفظون في لا وعيهم بذكريات مرعبة عن زمن كانوا فيه عبيدا لتلك القوة النسوية. هكذا يستمرون في معاملة المرأة كطاغية مخلوع, بينما هي لم تعد تمتلك القوة لاستعبادهم. ولكن السؤال: هل بالفعل لم تعد للنساء تلك القوة؟ هل تعيش النساء اليوم فقط لخدمة الرجل؟ تجيب إيمانويل أرسان: أنه لا سلام ولا تعاون ممكن بين أعداء الأمس دون القيام بخطوة تتسم بالإخلاص والوفاء: اوأول جملة واضحة أقولها هي الاعتراف بأن النساء في تفسيرهن الخاص لما جري, يظهرن بوضوح تام خيانتهن المطلقة, فغالبا هن أنفسهن اللوئي رغبن في هذه التبعية للرجل. فهن يطلبن من رجالهن رعايتهن والاعتناء بهن والتفكير في رفاهيتهن والعمل علي تحقيقها, وإذا فقدن بعض حريتهن فلأن هذه الحرية تبدو لهن مرغوبة أقل من رغبتهن في الراحة والأمان. فهل تتزوج المرأة عادة لتصبح حرة؟ أو لتحقق مستقبلا يتوافق مع طموحاتها في وضع اجتماعي متميز؟ وكيف تتوقع أن تعامل كمساويه لزوج أرادت منه من البداية أن يحميها ويمتلكها ويوفر لها الرفاهية؟. أما إذا كان الهدف الحقيقي للإناث هو المطالبة بمجتمع يتحرر فيه أحد الجنسين من سيطرة الآخر, فان الكاتبة مع ذلك تماما شرط أن يكون هذا التحرر متبادلا. لن تكون الحياة أكثر سعادة وعدلا حين تزعم النساء بضمير نقي أنهن غير ملومات علي الإطلاق, فهن مسئولات بدرجة كبيرة عن الآلام التي يقاسينها علي أيدي الرجال. وهكذا لن ينجحن في تغيير مواقف الرجال إلا إذا قررن أولا أن يغيرن من وجهات نظرهن كزوجات. وهي تقول إن التغيير أسهل بالنسبة للنساء منه للرجال, فمن غير الطبيعي أن تخاف المرأة مخلوقا حملته في بطنها تسعة أشهر وأرضعته ومرضته وعلمته كيف يأكل ويتكلم. وتقول, إن انتماء المرأة لرجل يعني تأكيدا لوضع اجتماعي معترف به, وأن هذا الوضع يجعلها تعتقد أنها محترمة ومحسودة. والاهتمام بها يعني أن يكون لها منزل وملابس وأطفال تلبي مطالبهم في المأكل والملبس وحمايتهم, تعني أنها طوال حياتها تتجنب قلق التفكير لنفسها أو اتخاذ قراراتها الخاصة بما في ذلك من مخاطر. وهناك رجل واحد يستطيع أن يزودها بكل ما تحتاجه ولفترة طويلة: زوجها. وقد يتخيل القاريء أن الكاتبة تصف العادات الموجودة وسط الأغنياء أو الطبقة المتوسطة, وأن زواج الطبقة العاملة ليس كذلك, لكن للأسف, فإن الفرصة إذا أتيحت لمثل هذه الطبقة فهي تتصرف كالأغنياء وتكون ألعن منهم. في عالم الزواج لا يوجد صراع طبقي ولكن صراع علي الامتيازات. والزوج كثيرا ما يصبح مجرد ملابس جميلة أو منزل أنيق تعيش فيه. والمرأة التي تبحث عن ملجأ في مثل هذه الأشياء, سوف تجد نفسها عاجلا وهي تتشبث بحطام الأمان وبروابط بالية سرعان تتهرأ بمرور الأيام. سوف تبدأ بعضهن في القول: اكل ما أطلبه أن يكون مخلصاب. ثم يتنازلن تدريجيا: ايستطيع أن يفعل ما يشاء, وأفترض أني لم أسمع شيئاب. حتي تصل إلي الأمر الذي لا محالة منه: ايكفي أنه يعطيني النقود التي تكفيني أنا والأولادب. وإذا كان مجري الزواج سينتهي إلي هذا الأمر, فلماذا لا نبدأ من النهاية. علي المرء أن يعترف صراحة بأن هذه المشاركة هدفها تواصل المشتريات والقيام بأعمال الطبخ والتصالح بعد تبادل اللوم أو الضربات. أليس هذا هو واقع العائلة النموذجية المعتادة؟ ولكن بما أننا واعون بأن نفاقنا مرض, فلنتخلص من هذه الأحلام مرة والي الأبد. أن أوهامنا الغامضة لم تكن نابعة من الحرية, لقد فرضت علينا. والتحرر الاقتصادي والسياسي لا يعني أننا أحرار. الحرية أن نغير العادات ونناضل ضد الجهل. وأن تحيي معناها ألا تتوقف أثناء الطريق. وللكلام بقية