افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب اليوم والذي يتوقعه سنويا جمهورنا القاريء منذ عام1969, فما أحوجنا( واكثر من أي وقت مضي) الي التعرف علي جمهورنا القاريء في مصر. فهو جمهور غفير وفي تزايد ويتردد علي المعرض علي مدي أسبوعين كاملين, قادما من مختلف المحافظات ليحظي بشراء كتاب نادر أو مخفض السعر أو ليشاهد ويتابع اللقاءات والحوارات التي تستضيف كبار مفكري وعلماء وخبراء وأدباء وفناني مصر. ولن تتحقق المعرفة المتكاملة لجمهورنا القاريء إلا بإجراء استبيان ثقافي علمي مدروس يشمل مجموعة اسئلة مختارة بعناية تجيب عنها عينة من رواد المعرض من ناحية, وجمهور طلاب العلم والدراسة والبحث من ناحية أخري, ونخبة من المثقفين والتربويين والاعلاميين من ناحية ثالثة. ولعل من أهداف اجراء هذا الاستبيان المقترح إيضاح أسباب زيارة الجمهور للمعرض( تخفيض الاسعار شراء كتب غير متوافرة في طوال العام البحث عن جديد.. الخ) وايضاح أية كتب يرغب الزائر في اقتنائها( تعليمية مدرسية تخصصية تثقيفية) وما وجده الزائر وما لم يجده وأي دور النشر اكثر جاذبية في كل من الاجنحة المصرية والعربية والاجنبية, وسعر الكتاب المطروح( ملائم مرتفع مرتفع جدا.. الخ) ومن واقع مثل هذا الاستبيان العلمي يمكن للهيئة العامة للكتاب اقامة المعارض القادمة علي أسس رشيدة حتي يسترد الكتاب المصري مكانته في جميع الأسواق سواء المصرية أو العربية أو الاسلامية, وكانت الهيئة العامة للكتاب قد أخذت بالفكرة وأجرت استبيانا أغلب الظن أنه لم يستكمل كما لم تعلن نتائجه. ان مثل هذا الاستبيان اداة للتعرف علي رؤية الجمهور القارئ للكتاب ومردوده الثقافي من منظور كون الكتاب أداة للمعرفة والثقافة أو وسيلة للترفيه أو مصدرا للمعلومات السريعة أو وسيلة للتعليم وتربية النفس..أو.. أو.. الخ. ومثل تلك المعلومات الخاصة بجمهور القراء معلومات تكاد تكون غائبة عنا, فليس هناك دراسات ميدانية كافية حول تلك المعلومات التي تدلنا علي كم جمهورنا القارئ في المعرض, أو جمهورنا القارئ ككل, والقارئ الفرد هو الذي يقتني كتابا واحدا أو أكثر علي الاقل كل عام, لا دراسات, ونسبة هؤلاء الي عدد السكان وليس لدينا ايضا تصنيف لفئات القراء ومنهم القارئ العادي والقارئ المثقف والقارئ المتخصص... الخ. ويخطئ من يعتقد ان مثل تلك المعلومات مجرد مادة كمالية, فهي أساسية لإعادة رسم سياسة صناعة الكتاب( تأليفا وطبعا وتوزيعا) من منطلق ما يلي: أولا: أن الكتاب سوف يظل بكل نوعياته الثقافية ومهما تعددت وسائل المعرفة وكثرت قنواتها هو المنبع الرئيسي والأساسي لتلك الوسائل والقنوات, فهي مهما تعددت وكثرت لا تغني عن الكتاب, ولا يمكن أن تكون بديلا عنه في تكوين الانسان المثقف المفروض ان يكون وجدانه في مستوي عصره. ثانيا: ان الكتاب مازال أبسط وأرخص وأنجح وأهم وسائل الاتصال وأشدهاأثرا, ومن ثم يعتبر الكتاب الوسيلة الأولي للتثقيف ونبع الثقافة الأشمل والأعمق وبه يستعين القارئ علي التفكير والابداع. ثالثا: إن الكتاب المصري لايزال برغم تواضع انتاجه بالنسبة للمؤشرات العالمية منذ مطلع القرن ال19 يمثل مكان الريادة في المنطقة العربية ومكانته جزء لا يتجزأ من مكانة مصر في إحياء التراث وفي النهضة الحديثة في العلوم والفنون والآداب تأليفا وترجمة, ولم يكن انشاء اقدم وأضخم دار كتب في المنطقة العربية بالقاهرة منذ عام1870 الا انعكاسا لدور القاهرة في صناعة الكتاب العربي ولم تكن دار الكتب دارا لحفظ الكتب فقط, وإنما قامت بمسئولياتها في تحقيق ونشر عدد كبير من أمهات التراث العربي القديم بمعاونة رواد التحقيق المتخصصين في هذا المجال. {{{ وأخيرا لا يخفي علينا ان المعرض الدولي للكتاب قد اكتسب زخما جديدا ومتواصلا باستحداث مهرجان القراءة للجميع وهو المشروع الذي ترعاه السيدة سوزان مبارك منذ عام1991, بهدف تنمية عادة القراءة وتوسيع جمهور القراء وحل مشكلات النشر والتوزيع, وهو المشروع الذي استطاع ان يصل الي قري ونجوع مصر في مختلف ارجائها وان يعيد للكتاب المقروء, رونقه وبهاءه في خضم الحياة المزدحمة بالايقاع السريع, وخرجت فكرة القراءة للجميع الي النور منذ أكثر من عشر سنوات وانبثق عن مهرجان القراءة للجميع مشروع مكتبة الأسرة منذ عام1994 التي أشادت بها منظمة اليونسكو الدولية باعتبار المكتبة سابقة غير مسبوقة في عالمنا المعاصر. [email protected]