قبل انتهاء الموعد القانوني للطعن علي حكم محكمة جنايات القاهرة في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم الذي قضي بالسجن المشدد ضد رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي لمدة15 عاما, والمؤبد لمدة25 عاما ضد المتهم الأول محسن السكري, و3 سنوات أخري لحيازته سلاح وذخيرة بدون ترخيص, جاءت مفاجأة النيابة العامة بالطعن علي هذا الحكم, وذلك بعد تقديم الدفاع عن المتهمين لطعنه قبل أسبوعين, ومن ثم فقد جاء الطعن الذي وافق عليه النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود ليربك حسابات المتهمين والدفاع عنهم, ويدفع في اتجاه عودة القضية للمربع رقم واحد, أي لنقطة الصفر, مما يعني عودة شبح الإعدام لمطاردة المتهمين من جديد بعد أن جاء حكم جنايات القاهرة للمرة الثانية الذي صدر برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة, وعضوية المستشارين محمد حماد, والدكتور أسامة جامع بالسجن المشدد ضد المتهمين بعيدا عن حبل المشنقة. وبعد أن كان الدفاع يصول ويجول أمام النقض منفردا كما اعتقد الجميع في هذه الجولة الثالثة والأخيرة من القضية من خلال الطعن علي الحكم الأخير طالبا إعادة المحاكمة للإخلال بحق الدفاع أو البراءة للمتهمين إذا قبلت النقض طعن الدفاع وتصدت هي كمحكمة موضوع للفصل في القضية وإصدار حكمها النهائي الذي لا يقبل الطعن عليه للمرة الثالثة. وجاء باسباب الطعن أن المحكمة قد جاء في أسباب حكمها في وقائع الدعوي ما تضمنته من اسباب وظروف مشددة وتصميم وعزم علي ارتكاب الجريمة, لذلك كان يقتضي عليها مؤاخذة المتهمين بقدر من الشدة وليس بقسط من الرأفة.. والسؤال الذي يطرح نفسه ما الفرق بين طعن النيابة وطعن المتهمين وماذا لو قبل طعن النيابة ولم يقبل طعن المتهمين؟ وما هي الظروف المناسبة التي أدت إلي محكمة الموضوع إلي الأخذ بالرأفة مع المتهمين..؟ كل هذه الاسئلة يجيب عنها مصدر قضائي رفيع المستوي مؤكدا أن محكمة الموضوع لها أن تقرر ما تراه من تقدير العقوبة, وموجبات الرأفة من إطلاقات محكمة الموضوع وتقرر لمن تري أن يستحق فالمحكمة رأت أن المتهم الأول محسن السكري تم الضغط عليه من قبل المتهم الثاني هشام طلعت مصطفي, حيث أغراه بمبلغ مليوني دولار وداوم الاتصال به اكثر من مرة بأن يتخلص من المجني عليها بأسلوب إلقائها من شرفة الأدوار العليا فقد كشفت ذلك الأوراق وما حوته من تحقيقات وشهادة شهود علاوة علي التقارير الفنية السابق سرد ما تضمنته وما انتهت إليه من نتائج وما تضمنته كشوف شركة موبينيل للاتصالات المتضمنة بيانا بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية المتبادلة بين المتهمين علي هواتفهما المحمولة وإقرار المتهم الأول باقترافه لواقعة قتل المجني عليها وتحريض المتهم الثاني واتفاقه معه ومساعدته علي ذلك واعترافه بالتحقيقات بالعديد من وقائع القضية وتلك الأدلة والقرائن والتي تطمئن اليها المحكمة تجزم باقتراف المتهمين للجرم المسند إلي كل منهما بأمر الإحالة. فقد اعترف المتهم الأول بالتحقيق الابتدائي الذي أجرته النيابة العامة بأنه في غضون عام2001 تقريبا تعرف علي المتهم الثاني هشام طلعت مصطفي وذلك من خلال عمله كمدير أمن لفندق الفور سيزون بشرم الشيخ والذي يمتلك المتهم الثاني حصة في رأسماله, وقد توثقت العلاقة بينهما, وفي غضون عام2004 و2005 تقريبا بدأت علاقة المتهم الثاني بالمجني عليها سوزان تميم وتطورت هذه العلاقة إلي علاقة حب, وقد خصص لإقامتها بالقاهرة جناحا بفندق الفور سيزون وكان يقيم معها ويصاحبها بصفة دائمة في جميع جولاتها ورحلاتها بطائرته الخاصة ويغدق عليها من أمواله حتي أشيع أنهما متزوجان عرفيا, وقد حدث خلاف بينهما علي أثره فرض عليها رقابة صارمة مقيدا من حريتها, مما أدي إلي احتدام هذا الخلاف, إلا أنها تمكنت من الفكاك من قبضته والهرب إلي لندن, فحاول المتهم الثاني إعادتها إلي مصر ووسط في ذلك الأهل والأصدقاء إلا أنها رفضت العودة إليه, ثم علم المتهم الثاني أن المجني عليها تعرفت خلال اقامتها بلندن برياض العزاوي بطل العالم في لعبة الكيك بوكس وهو انجليزي الجنسية من اصل عراقي فثار وزاد حنقه عليها لخيانتها له وهجره بعد أن أغدق عليها من أمواله الكثير وحصلت منه علي أموال طائلة. وأردف المتهم الأول أن المتهم الثاني كان قد أفضي إليه منذ عام بأمره مع المجني عليها وانهما متزوجان عرفيا, وأنه إزاء خيانتها له فكر في الانتقام منها وقتلها بعد ملاحقتها من لندن إلي دبي. للنيابة الحق في الطعن يقول بهاء أبو شقة وابنه الدكتور محمد بهاء أبو شقة إنه من حق النيابة الطعن علي الحكم وفقا للقانون57 لسنة1959 الخاص بحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض شأنها شأن المحكوم عليهما لأنها خصم في الدعوي بل المدعي الذي له أن يطعن علي الحكم وذلك في نطاق الدعوي المدنية فحسب فهذه الحالة تختلف فكرة الطعن علي الحكم الصادر في الجناية عن الجنحة لأنه بالنسبة للجنحة فإن من حق النيابة أن تطعن علي الحكم بالاستئناف إذا لم تستجب المحكمة لطلباتها وهي الحكم بأقصي العقوبة فإذا قضت المحكمة بعقوبة مخففة فمن حق النيابة أن تستأنف الحكم لتشديد العقوبة أما بالنسبة للجناية فإن الطعن عليها يكون بطريق النقض وهنا يكون شأن النيابة شأن المحكوم عليه بأن يراقب سلامة الحكم من زاوية ضوابط التسبيب فحسب فليس للنيابة أن تطعن علي الحكم بمجرد طلب تشديد العقوبة وتراقب محكمة النقض الأسباب التي تنعي بها النيابة علي الحكم وكذا المحكوم عليه ولها أن ترفض الطعنين سواء المقدم من النيابة أو المحكوم عليه ولها أن تقبل احدهما وترفض الآخر وفي حالة رفض طعن النيابة وقبول طعن المحكوم عليه فلا يجوز تشديد العقوبة فمايكون من حق المحكمة التي تنظر الموضوع ان تؤيد العقوبة أو تخفضها أو تقضي بالبراءة وذلك إعمالا لنص المادة43 من القانون57 لسنة1959 والتي تقضي بأن الطاعن لايضار بطعنه. في حالة قبول طعن النيابة وفي حالة قبول طعن النيابة فإنه يمكن للمحكمة أن تشدد العقوبة وإذا قبلت محكمة النقض طعن المحكوم عليه ورفضت طعن النيابة فإن للمحكمة أن تقضي إما بتأييد الحكم او تخفيف العقوبة أو البراءة. وجدير بالذكر أن المذكرة التي تقدمت بها بأسباب الطعن يوم11/11 قد تضمنت25 وجها للطعن و384 صفحة ومرفق بها صورة لمذكرة الدفاع التي لم تمكننا المحكمة من المرافعة الشفوية أو تقديم الدفاع المكتوب وقد نهجنا في هذا الطعن وكتابته نفس النهج الذي سرنا عليه في قضية الدكتور هاني سرور في تفنيد جميع الأدلة المقدمة من النيابة العامة للتدليل علي اشتراك هشام طلعت مصطفي مع محسن السكري, ودللنا علي أن هذه الأدلة من وجهة نظر النيابة لا تعدو إلا أن تكون شبهات لا ترقي الي مرتبة الدليل المعتبر, ولذلك انتهينا الي طلب النقض والبراءة بالنسبة لهشام طلعت مصطفي, وهو ما سنصمم عليه ونعرضه تفصيلا أمام محكمة النقض. وسنصمم علي رفض الطعن المقدم من النيابة العامة بما سنقدمه من سوابق قضائية ندعم بها الطلب وندلل أنه غير محمول علي أساس واقعي أو قانوني وسنحتفظ بما ستبديه من رد بالمرافعة التي سنبدأ بها امام محكمة النقض.