المواطن المراسل.. أصبح المواطن العادي بإمكانه أن يتحول إلي مراسل صحفي لأي من تلك القنوات التي تفضل ان تستمد معلوماتها من الأبواب الخلفية. وساعد علي انتشار هذه الظاهرة, سهولة استخدام التكنولوجيا التي أصبحت في متناول الجميع بمن فيهم الأطفال, يتقنون استخدامها, كل ما عليهم ان يبثوا المعلومة او الفيلم المصور عبر الهاتف أو النت, وفي دقائق تجد أحداثا تقع في حواري مصر موجودة علي فضائيات الدنيا.. وبالتالي لن يجدي أي قرارات أو وقوانين إعلامية, حتي ذلك القرار الذي صدر لتنظيم البث المباشر لمكاتب الخدمات الإعلامية في مصر, والتي تمتلك وحداتSNG للبث المباشر, بضرورة حصولهما علي تراخيص من اتحاد الإذاعة والتليفزيون للعمل بهذه الوحدات مع نقل مقر الوحدات إلي مدينة الإنتاج الإعلامي. فعمليات البث المباشر أمكن تطويعه, بأبسط أنوع التكنولوجيا, ولن نذهب بعيدا, فقد تم مثلا سرقة فيلم عادل إمام الأخير' زهايمر' في اليوم التالي لافتتاحه, رغم كل الاحتياطات والإجراءات التي اتخذها أصحاب الفيلم, فقد انتشرت أجهزة متناهية الصغر قادرة علي ان تسجل الحدث صوت وصورة نقية, ورأيت هذا الأسبوع أكثر من تقرير أخباري علي بعض الفضائيات تم تصويرها بهذه التقنية الشخصية, يحدث ذلك بينما القرارات والإجراءات الإعلامية التي تتخذها الجهات الإعلامية تتبع نفس الأسلوب الذي كان سائدا في الستينات من القرن الماضي.. والأمر لا يتوقف فقط علي التسجيل والتصوير والنقل, ولكن الأخطر هو انتشار محطات إرسال أهلية تحت سمع وبصر عيون الرقابة, تبث لأهالي الحي أو المنطقة ما يباح لها, وتغمض عنها عيون المنطقة الإعلامية واتحاد الإذاعة والتليفزيون.. ورغم كل النوايا الحسنة للأشخاص الذين يقومون بهذا البث, إلا أن الخطورة في أن تستغل هذه المحطات أو القنوات' الأهلية', التي صنعت في' بير السلم' لأغراض أخري, يمكن أن تهدد سلامة وامن المواطن, بترويج أفكار وثقافات وفقا للأهواء الشخصية أو حتي وفقا لأهواء جماعات معينة, وليس ببعيد أن تجد محطة إرسال تباع علي الرصيف, ليجد الشخص نفسه ما بين يوم وليلة صاحب قناة تليفزيونية. اللعب بالعواطف.. هل هي حالة من نكران الجميل, أن فنانا في حجم المطرب الشاب تامر حسني, والذي يتخذه الشباب الصغير قدوة لهم, ينكر وجود الأب في حياته, وقد خرج علينا في لقاء مع عمرو الليثي كاشفا عن طفولته في برنامج واحد من الناس قائلا: إنه عاش اليتم برغم أن والده علي قيد الحياة وكان يرتمي في حضن أمه, وتحمل المسئولية وصار رجلا قبل الأوان, فعمل في محطة بنزين وعامل بناء يحمل الطوب والزلط علي كتفيه وقال إن هذه المعاناة صنعت منه رجلا وأرضعته الصبر والجلد كما أرضعته أمه صفات أخري حميدة صنعت منه رجلا يتحمل الشدائد.. هذا الأسبوع فجرت الفضائية الأردنية اللورد مفاجأة, باستضافتها الفنان حسني شريف والد تامر حسني, ليست المفاجأة في أنه والد تامر حسني ولكن أنه فنان له تاريخ عريق في عالم الغناء خارج مصر, فنان تنصل منه ابنه تامر, وفي الوقت الذي تهافت فيه الفنانون علي الاتصال بالفنان حسني شريف تليفونيا, اعتذر تامر عن عدم التحدث لأبيه, قال المذيع الأردني سمير رباح, أنه للأسف لن يتمكن تامر من التحدث لأبيه بسبب نقله للمستشفي لإصابته بآلام في الركبة إثر عودته من أداء فريضة الحج, واعتذر تامر عن عدم الاتصال, وقال المذيع, موجها كلامه علي الهواء لتامر حسني: إنشاءالله تتواصل مع أبيك! لم يعلق والد تامر علي عدم اتصال ابنه, بينما لم تفارقه الابتسامة طوال اللقاء, ولم يتوقف عن الدعاء أو الإشادة بابنه.. مهما حدث في الطفولة فلا تنس إن كل سلوكياتك يرصدها الأجيال الجديدة, فقدم لهم صورة للتواضع والتسامح.. وليكن أداؤك فريضة الحج دافعا لتقبيل يد أبيك, ولتتعظ من الفنانين الذين تكالبوا علي الاتصال به, وهم مدحت صالح الذي قال يا عم حسني انت كنت نجم المكان الذي غنيت فيه في بداياتي, وقال عنه محمد العزبي أنت زميل العمر نحن تعلمنا منك الغناء, وقال له الفنان نبيل الهجرسي: نسينا الطرب لأنك بعدت عنا, حسني شريف من الأصوات القوية العاطفية, صوت نسمعه بأذاننا وليس بوسطنا, ومكالمة من مظهر أبو النجا تؤكد علي أن الأماكن التي كان يغني فيها حسني شريف في سوريا دائما كاملة العدد, وطلب منه يتكلم ويفضفض, وذكره بأفلام شاركه فيها مثل' مسعود سعيد ليه' و'جدعان باب الشعرية' مع حسين فهمي وشكري سرحان ومحمد رضا. وطالبنا الفنان الكبير صلاح السعدني الرفق بحسني شريف, الذي جعلته ظروف الحياة والعمل يتزوج أكثر من مرة, وأنجب أخيرا طفلا جميلا, ثم عاد السعدني بالذاكرة ولقاءاته مع بليغ حمدي والإعلامي وجدي الحكيم وحسني شريف في مكان يسمي' شاليه القاهرة' بشارع عماد الدين, وعما يقال علي لسان تامر حسني, قال السعدني: تامر كان يتحدث عن معاناة عاشها, لم يكن أبوه سببا فيها, وأضاف أنا أعشق أثنين في الغناء, علي الحجار بامتلاكه حنجرة قوية ومتميزة, ومحمد منير بأسلوبه المتفرد, لكن اكتشفت من خلال أولادي معشوق آخر هو تامر حسني, أحبوه ويحفظون أغانيه.. وطلب المخرج مدحت السباعي, من الفنان حسني شريف العودة للغناء, ضاربا المثل بفنانين لم يوقفهم التقدم في العمر عن الغناء مثل فرانك سيناترا وأم كلثوم وعبدالوهاب, ثم غني شريف بصوته الأجش وأطربنا بأغنية' من غير ليه' المذيع الإنسان.. من الأشياء التي أوجعتنا علي الفضائيات تلك الأم التي ألقت بابنها أمام دير سانت كاترين لأنها لم تستطع تحمل مصاريف العلاج, بسبب أعباء الحياة وهجر زوجها لها.. استطاع المذيع قاسم درمان من قناة' إن بي إن' معرفة مكان الأم بمصادره الخاصة, وأتي بها إلي تليفزيون الجديد, وكان من المتوقع إلقاء القبض عليها لأن ما ارتكبته يعد جريمة في القانون, ولكنها راحت تبكي وقالت إنها وضعت طفلها الرضيع مهدي أمام مكان تضمن له رعاية صحية جيدة, لان زوجها تركها مع أربعة أبناء آخرين, ثم طلب المذيع علي الهواء تعهد من الأمن, قائلا قبل أن تكون الأم نادمة علي فعلتها أن يكون هناك تعهد من الأمن بعدم التعرض لها.. كان التعهد شفويا بعدم القبض عليها أمام ما تقدمه من تبريرات.. الغريب أن زوجها الهارب من المسئولية جاء الأستوديو ولم يدين الجرم الذي ارتكبته الأم مبررا ما فعلته بسبب حالة الفقر التي تعيشها ولعدم توفر الدواء لعلاجه, وجاء اتصال من وزير الصحة يتعهد بعلاجه, وأخذت الأم ابنها.. لا نعرف ماذا سيكون مصير الطفل مع أم بهذا الجفاء وأب يبرر جريمتها وكأنه شريك في فعلتها, ما الذي حدث في دنيانا.. الابن ينكر أبيه والأم تلقي بابنها علي قارعة الطريق بدون ان يرتجف لها جفن.. سامحكم الله.