تناست أو تجاهلت أغلبية وسائل الإعلام العربية الاسبوع الماضي الذكري ال97 لصدور وعد بلفور في2 نوفمبر1917 علي شكل رسالة من وزير الخارجية البريطانية آرثر بلفور الي الصهيوني اللورد روتشيلد, موضحا في الرسالة ان حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف الي انشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين, ولعل مقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الستينيات قد كشفت المغزي الرئيسي لهذا الوعد بقوله:) لقد أعطي من لايملك وعدا لمن لا يستحق.. ثم استطاع الاثنان من لا يملك ومن لا يستحق بالقوة والخديعة, ان يسلبا صاحب الحق حقه فيما يملكه وفيما لايستحقه(. ومن حق وواجب الأجيال العربية المعاصرة ان تأخذ علما بخطورة صدور مثل هذا الوعد من دولة كبري الي شرذمة يهودية صهيونية من الاجناس المختلفة, من منطلق ان الوعد لم يكن إلا مجرد مقدمة أعقبها صدور كتاب أبيض من بريطانيا يحدد مفهوم الوطن القومي علي أساس تكوين أكثرية يهودية تصبغ فلسطين بصبغتها. وفي مواجهة هذا التحالف البريطاني الصهيوني قدم الفلسطينيون وجهة نظرهم بوفد رسمي الي لندن لأول مرة في عام1921 مطالبين بإلغاء التصريح البريطاني بناء علي المادة22 من عهد عصبة الأمم لتعارضه مع مبادئ العهد ومخالفته أيضا لمبادئ الرئيس ولسن التي أعلنها الحلفاء أثناء الحرب فيما يتعلق بحق تقرير المصير. وللأسف تم ادخال نص وعد بلفور ضمن نظام الانتداب البريطاني علي فلسطين الذي أسفر عاجلا عن قيام دولة اسرائيل في15 مايو.1948 ومن هنا فإن الاحتفال بذكري صدور وعد بلفور ليس بهدف الحداد أو النحيب الفلسطيني كما كان يجري في سنوات سابقة, أو يوما لكلمات الادانة والشجب والاستنكار كما عودتنا بعض أجهزة الإعلام العربية, بل من المفترض توظيف الذكري لتعبئة الرأي العام العالمي حول شرعية الحق الفلسطيني الثابت في إعلان الدولة وعاصمتها القدس. ولعل المبادرات الإعلامية الجديدة المطلوبة للإعلام العربي تقتدي بمبادرة ناجحة أقدم عليها استاذان عربيان من الجامعة الأمريكية ببيروت عام1968 عندما شكلت لجنة خاصة لوعد بلفور اسهم في تمويلها آلاف من جميع الدول العربية وقامت اللجنة بحملة اعلانية مدفوعة الأجر في صحف الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا تحت عنوان) مطلوب وعد بلفور جديد لتأسيس وطن قومي في فلسطين بمليون ونصف مليون لاجئ عربي) وجاء في الإعلان انه في عام1917 عندما كان آرثر جيمس بلفور وزيرا للخارجية البريطانية وعد اللورد روتشيلد باسم حكومته بالمساعدة في ايجاد وطن قومي لليهود في فلسطين) كما سبقت الإشارة( ثم قال الإعلان ان الطريقة التي نفذ بها هذا الوعد أدت إلي انشاء اسرائيل بعد31 عاما وما نجم عن ذلك من طرد أكثر من مليون عربي فلسطيني وهم في حاجة الي بلفور آخر ليجد لهم وطنا قوميا. وكانت هذه الحملة من أذكي الحملات الإعلامية العربية وبمبادرة شعبية ولكنها لم تجد الدعم لتستمر وان كان الشباب العربي قد استلهم فكرة الحملة وواصلوا الكتابة حولها, وفي هذا السياق أهداني الدكتور سامي الخوالدة رئيس مركز الدول العربية للبحوث والدراسات كتابا جديدا منذ اسبوعين يحمل العنوان نفسه( نحو وعد بلفور جديد) مقدما سيناريو سياسي جديد لحل القضية الفلسطينية) ويري د. سامي الخوالدة في ختام كتابه أن القرار المراد إصداره لصالح الشعب الفلسطيني إحقاقا لحقه وانتصارا لعدالة قضيته وتعقيداتها كان من الممكن اصداره قرارا علي غرار وعد بلفور من جامعة الدول العربية أو من الجمعية العامة للأمم المتحدة, غير أن إصداره من الجامعة العربية, سيمكن الدول العربية من تنفيذه من منطلق أن القرار يتضمن موقفا عربيا موحدا يقوم علي اتخاذ إجراء عربي جماعي ضد أية دولة تعارض أو تعوق أو لا تنفذ أو لا تلتزم بقرار الجامعة العربية ويتم تحديد الموقف العربي برمته بناء علي موقف كل دولة من هذا القرار خلال اجتماع الجمعية العامة بحيث يعلن مسبقا عن حزمة اجراءات هذه الدول ومن ضمنها طرد الهيئات الدبلوماسية وقطع كافة سبل الاتصال مع تلك الدول الي جانب عدم الاعتراف بوثائقها الرسمية.. الخ, ومثل هذا القرار من وجهة نظر د. سامي الخوالدة سيمكن العرب من تشكيل تكتل سياسي واقتصادي حقيقي.