تتعرض كبد المصريين إلي ضغوط رهيبة نتيجة التلوث البيئي وما تحتويه الأغذية من مواد حافظة وملونات, ناهيك عن التعاطي العشوائي للأدوية بداية من المسكنات ووصولا إلي صبغات الشعر. ولكننا لا نكتفي بذلك بل نعرضه لضغوط إضافية بالاستخدام غير المسئول للأعشابحيث ارتفعت حالات التسمم إلي2258 حالة موزعة بين تسمم دوائي وغذائي وكيميائي وذلك حتي منتصف العام الحالي فقط. وتظل الالتهابات الكبدية مشكلة مستعصية علي الحل, فبينما لايزال الطب يبحث أملا في إيجاد علاج لشفاء المصابين, تكشف الإحصائيات عن تدني الوعي اللازم فأكثر من25% من المصريين لايعلمون شيئا عن الالتهاب الكبدي الفيروسي سي, و90% منهم لم يخضعوا لتحاليل تكشف عنه, بحسب تقديرات وزارة الصحة. وحيثما يكون التثقيف الصحي ضعيفا تكون العدوي شائعة, حقيقة تصدي لها طب قصر العيني بتجديد دعوته' معا لحماية الكبد المصري من الفيروسات والسموم' في تعاون بين مركزيه للسموم وعلاج الفيروسات الكبدية وبمشاركة مركز السموم بجامعة عين شمس. وإضافة إلي فيروسات الكبد, هناك العوامل البيئية التي ترهقه, ومنها أنواع من سموم الفئران, والتي فجر الدكتور محيي المصري مدير مركز سموم جامعة عين شمس تحذيرا من معاودة ظهورها بالأسواق مؤخرا وهي بودرة ناعمة سمراء اللون مكونة من فوسفيد الزنك وفوسفيد الألمونيوم, وتطلق مادة الفوسفور فور دخولها الجسم وتعرضها للحامض المعدي, مسببة التهابات وفشل كبدي تظهر أعراضه في اليوم الثاني أو الثالث للتسمم, وتكمن خطورة هذه المبيدات في قدرتها علي إحداث حمضية شديدة وارتشاحات بالرئتين وصدمة قلبية في الساعات الأولي للتسمم. وفي حالة إنقاذ المريض يظل معرضا للإصابة بالالتهابات الكبدية والفشل الكبدي مما يؤدي للوفاة خلال أسبوع واحد. وعند الحديث عن الأدوية يظهر الكبد كأكثر الأعضاء تأثرا بالاستخدام العشوائي للمسكنات بصفة عامة والبارسيتامول خاصة, يضاف لذلك ما يرد لمراكز السموم من حوادث متكررة وعديدة لتسمم الحديد الذي يصيب الكبد سواء كان بجرعات علاجية كبيرة أو جراء تلوث كيمائي كتلوث الدقيق نتيجة عطب بمحور ماكينة الطحين. وهناك تحذير خاص للمواطنين بشان الاستخدامات الخاطئة للعقاقير المضادة للاكتئاب والصرع وكذلك المبيدات الحشرية وصبغات الشعر خاصة الصبغة الحجر, بعدما تجاوزت حالات التسمم الدوائي الواردة لمركز سموم قصر العيني3820 حالة بنهاية عام2009, يليه المبيد الحشري بإجمالي690 حالة. أما عن الجدل المتصل حول علاج الكبد بالأعشاب ووفقا لتأكيدات الدكتور عبد الرحمن النجار مدير المركز القومي للسموم بقصر العيني لم يثبت الطب البديل حتي الآن جدارته ليقف جنبا إلي جنب مع الطب العادي, بل لاتوجد دراسات تؤكد أي فائدة له علي الكبد, باستثناء مادة السيلامارين التي تستخدم لعلاج أمراض الكبد ومازالت تخضع للعديد من الدراسات. وكثير من مشاكل الكبد لدينا لا تقتصر فقط علي الفيروسات, بل هناك الممارسات الخاطئة ذات التأثير الكبير علي الكبد السليمة, وأهمها تناول الأعشاب الصينية التي تؤدي إلي الفشل الكبدي وفي بعض الأحيان للوفاة, وهو ما يأسف له الدكتور جمال عصمت أستاذ الجهاز الهضمي والكبد ومدير مركز الفيروسات الكبدية بقصر العيني فكثيرا من هذه الخلطات يدخل فيها مستحضرات تخفف من الأعراض المصاحبة كعلاج الإمساك والمغص أو حساسية الجلد, ولكنها لا تفيد في المرض الأساسي. ولاتزال هذه الحقائق تتأكد في مقابل إقبال المرضي علي الوصفات العشبية لدي العطارين دون التفكير في الأعراض الجانبية نظرا لعدم خضوعها للاختبارات المعملية.