لتنظيف المجرى من التلوث.. وزير الري الأسبق يكشف أسباب فيضان النيل في مصر    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    عيار 21 يسجل 5235 جنيها.. شعبة الذهب تكشف مصير الأسعار خلال الفترة المقبلة    عند مستوى 47 جنيهًا.. اقتصادي: سعر الدولار في مصر بدأ يعود لقيمته الحقيقية    إلزام سائقي «توك توك» بتسجيل بياناتهم بمواقف السيارات في المنيا    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    البيت الأبيض: الملايين تضرروا من الإغلاق الحكومي في أمريكا    ما يقال افتراء.. وكيل جهاز المخابرات السابق: مصر لم تكن تعلم بطوفان الأقصى    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    "فوكس نيوز": البيت الأبيض يخطط لتسريح 16 ألف موظف بسبب الإغلاق الحكومي    ألونسو يعلن قائمة ريال مدريد ضد فياريال في الدوري الإسباني    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    استعدوا ل منخفض جوى.. بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس: أمطار ودرجة الحرارة 13 ليلًا    حملة لإزالة الأسواق العشوائية والإشغالات بشارع 23 ديسمبر في بورسعيد    انطلاق مسابقات تراث أدب الخيل في الشرقية (صور)    شهد دمج «السياحة والآثار».. مسيرة ومحطات «العناني» المرشح لمنصب مدير عام اليونسكو    شهادات مؤثرة من نجوم الفن في احتفاء مهرجان الإسكندرية السينمائي ب ليلى علوي (صور)    مسلسل قيامة عثمان الموسم السابع الحلقة 195.. بداية مرحلة جديدة بعد انسحاب بوراك أوزجيفيت    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تقييم جاهزية منشآت محافظة المنيا لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل    توقف عند تناولها في هذا التوقيت.. متى يكون الوقت الأمثل لشرب القهوة؟    اليونيفيل: إسرائيل تلقي قنابل قرب قواتنا بلبنان في انتهاك خطير    تشكيل فريق البنك الأهلي لمواجهة المصري في الدوري    أموريم: مانشستر يعيش ضغوطات كبيرة    ليلة فولكلورية أوريجينال    محافظ أسوان يتابع تطوير طريق كيما - السماد بتكلفة 155 مليون جنيه ونسبة إنجاز 93%    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    غزة مقبرة الصحفيين.. كيف تحاول إسرائيل محو تاريخ القطاع؟    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    عبدالعاطي: اعتقال النشطاء في أسطول الصمود جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الدولي    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    استشاري: أجهزة الجيم ملوثة 74 مرة أكتر من دورات المياه العادية    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : مرشح الغلابة؟    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    «العمل» تعلن تحرير 6185 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الفتاح أبو مدين في ألف صفحة وصفحة‏1‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2010

لا يمكن التعرض للحياة الأدبية والثقافية في السعودية‏,‏ علي مدي أكثر من نصف قرن‏,‏ دون أن يذكر عبد الفتاح أبو مدين كاتبا ودارسا ومؤرخا وناقدا وصاحب مشاريع ومبادرات ورئيسا لنادي جدة الأدبي‏,‏ علي مدار سنوات متتابعة‏,‏ ومصدرا للعديد من مطبوعاته ومنشوراته‏.‏ وأبو مدين‏,‏ أو الفتي مفتاح‏,‏ كما أطلق عليه الناقد السعودي الدكتور عبد الله الغذامي وهو يقدم لكتابه ألف صفحة وصفحة‏,‏ مصورا طفولته ونشأته‏,‏ وتعليمه وثقافته‏,‏ ودوره المحوري في الحياة الأدبية والثقافية‏,‏ وجهده الدائب وراء إصدارات نادي جدة في عهد رئاسته متمثلا في مجلات جادة متميزة هي علامات وجذور ونوافذ والراوي‏,‏ ومعها مؤتمرات وندوات ولقاءات حضرها كما يقول الغذامي المثقفون العرب من كل بلدان العرب‏,‏ وهو بحد ذاته علامة مضيئة وتاريخ حافل‏.‏
أتيح لي أن أعرف هذا الرجل الموسوعي‏,‏ الذي يتوهج برسالة ثقافية وأدبية مستنيرة‏,‏ عرف كيف يخوض بها أنواء وعواصف وتقلبات شتي‏,‏ واصلا بها الي جمهورها الحقيقي‏:‏ القارئ الذي يراد له أن يتعلم ويتثقف‏,‏ والأديب الذي يراد له أن تنفتح مواهبه ويبدع‏,‏ والأستاذ الذي يراد له أن ينفسح أمامه المجال‏,‏ ليعطي من رصيد معرفته وعلمه للأجيال الشابة الواعدة‏,‏ واقتربت من رحابة فكره وسعة آفاقه وامتداد فضاءاته‏,‏ لألمس فيه جرأة المصلح والموجه المستنير‏,‏ وحماسه الشاب الطامح الغيور بالرغم مما يحمله من أعباء الكهولة ومناجزات الشيخوخة ووطأة الأحداث والصراعات إلا أنه ظل دائما كما يقول الغذامي‏:‏ كل العواصف تفني وتذهب‏,‏ والفتي مفتاح يبقي ويسمو‏.‏ ورأيته في ملتقيات نادي جدة يدير الحوارات ويفجر القضايا وله رأي وموقف في كل ما يقال‏,‏ وتوجيه رشيد لما يراه غير سديد‏,‏ والتماس لحسن القول حين يحتد الكلام‏,‏ يحكم زمام أموره‏,‏ ويقود سفينته في يسر وكياسة وإحكام‏.‏
وعرفته في ملتقيات الثقافة والأدب‏,‏ في القاهرة‏,‏ من خلال مشاركته في مؤتمرات عديدة‏,‏ حاملا في أعماقه محبة لمصر لا تحدها حدود‏,‏ وإكبارا لأدباء مصر الكبار‏,‏ وبخاصة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين‏,‏ لا ينازعه ولاء آخر ولا اهتمامات أخري‏,‏ ومتابعة يقظة حية‏,‏ لكل مايصدر في القاهرة من كتابات تثير جدلا أو تحرك مناخا ساكنا أو تفجر قضايا‏,‏ يقرؤها ويكتب عنها في صحف المملكة‏,‏ فيكون لكتاباته وتعقيباته صداها العميق في نفوس قرائه الذين يتابعون بكل المحبة والتقدير‏.‏
وهو في هذا الكتاب الضخم ألف صفحة وصفحة من الأدب والنقد يقدم شهادة بليغة علي عصر كامل‏,‏ بكل أجياله ورموزه وشهوده‏,‏ من خلال سفر جامع‏,‏ يضم مقالات وأبحاثا وكتابات شتي‏,‏ وتجمعها دائرة واحدة هي محبة الثقافة العربية قديمها وحديثها والانتماء الشديد إليها‏,‏ والدفاع المجيد عن رموزها وأعلامها‏,‏ وتصحيح ما يكون قد علق بها من آثار نقد ضار أو موقف غير متفهم أو عصبية زائدة‏.‏ وفي الكتاب من العناوين ما يغري بالتهام مادته‏,‏ وفيه توجيهات نافذة ورسائل مضمرة يبعث بها صاحبها الي جهات معنية في التعليم والجامعة والصحافة الأدبية والمجتمع‏,‏ مذكرا بمواقف من كانوا كبارا‏,‏ مشهودا لهم بالكرامة والنزاهة والرجولة والشرف‏,‏ مقارنة بصورة غير مباشرة بين ما كان وما نحن فيه‏.‏
من هنا يجئ كلامه عن معركة الأدب الجاهلي بين أحمد أمين وزكي مبارك‏,‏ وأسرار العلاقة بين شكري والمازني والعقاد‏,‏ ومعارك أنور المعداوي النقدية‏,‏ ومسرحية مجنون ليلي بين الواقع والخيال‏,‏ ومحمد حسين هيكل من الناقد الي المؤرخ‏,‏ ومعركة الشعر الجديد‏,‏ والعواد في ذاكرة التاريخ‏,‏ وأطروحة ثقافة التخلف‏,‏ وذكري عميد الأدب العربي‏,‏ وسوق عكاظ‏,‏ ورسالة الجامعة‏,‏ وتعليمنا العالي‏,‏ وغيرها عشرات الموضوعات التي يزخر بها هذا الكتاب الضخم الجامع‏,‏ في لغة رائقة‏,‏ شديدة العصرية والشفافية والعذوبة‏,‏ وتناول لا يجرح ولايسيل دما‏,‏ ولكن تحكمه أبوة حانية‏,‏ وأستاذية رشيدة‏,‏ ومنهج واضح قاطع‏,‏ وغاية نبيلة هي الحق والعدل والمشاركة الواعية‏.‏ ولا يخفي عبد الفتاح أبو مدين‏,‏ أوالفتي مفتاح كما أسماه هو في سيرته الذاتية‏,‏ أنه عندما انقسم أدباء المملكة ومثقفوها في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته‏,‏ بين طحاسنة أو طحسنين‏(‏ نسبة الي طه حسين‏)‏ وعقاديين‏(‏ نسبة الي العقاد‏)‏ كان هو من أبرز طحاسنة الذين فتنوا بلغة حسين في كتاباته‏,‏ وبروحه الثورية المتحررة‏,‏ وتناوله الجريء لما عرض له من موضوعات وقضايا ثقافية وأدبية‏.‏
يقول عنه في الذكري الخامسة لرحيله‏:‏ في أدب طه حسين متعة وجمال وبعد تأمل‏,‏ واستنتاجات لا يرقي إليها في منطق الإقناع إلا العباقرة‏,‏ ولا ينكر علي الرجل عبقريته إلا غير متذوق وغير ذواقة لجمال الأدب‏,‏ وروعة الأداء‏,‏ في الدرس الذي نجده عند طه حسين‏.‏ لقد شغل طه حسين الناس حيا وميتا‏,‏ كما شغلهم المتنبي أكثر من ألف عام‏.‏ ويقول عبد الفتاح أبو مدين في صفحة من كتابه الجامع كاشفا عن نزوعه الفكري والتربوي والمستقبلي‏:‏ أعطني تعليما راقيا متكاملا أعطك تنمية قوية ناجحة لخمسين سنة قادمة عبر خطط خمسية‏,‏ لا تقف في طريقها عوائق‏,‏ ولا مثبطات تعطل المسيرة‏.‏ لا سيما وأن المال يدعم هذه الأهداف أو الأحلام‏,‏ لأن الحديث علي الورق حلم وأمل‏,‏ والذي يحقق الآمال بعد عون الله هو الإرادة‏.‏
ويقول‏:‏ حينما أركز علي التعليم في المراحل الأولي وما يتبع ذلك من التطلعات البعيدة المدي‏,‏ فإن الثقافة مبناها تعليم عال قويم‏,‏ وحين تتركز قواعد التعليم ويصبح الوطن في قمة أوجه‏,‏ فإن الثقافة ترقي إذا أتيح لها ركائزها التي تنهض عليها وبها‏,‏ والثقافة ليست وليدة فراغ ولا كيان وقتي‏,‏ وإنما هي عماد‏,‏ وبناء قواعد قوية من بث المعرفة الحقة الجادة‏.‏ فكل عمل ينشد النجاح لا يكون إلا قويا رائدا بلا حدود‏.‏
وتحية من القاهرة الي الشيخ الفتي مفتاح
وتمنيات له بالعمر المديد والعطاء الموصول‏.‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.