في سابقة هي الأولي من نوعها.. مثلت السيناتريس أليما بومدين تييري( حليمة بومدين).. عضو مجلس الشيوخ عن حزب الخضر.. يوم الخميس14 أكتوبر2010 أمام محكمة ضاحية يونتواز.. بالقرب من باريس.. ومعها آخرون بتهمة التمييز العنصري ضد إسرائيل والتحريض علي الكراهية العنصرية.. وذلك بناء علي شكوي تقدم بها سامي غزلان رئيس المكتب الوطني لليقظة ضد معاداة السامية.. بسبب مشاركتها في إبريل2009 في الدعوة إلي مقاطعة سلع الاحتلال الإسرائيلي.. الاتهام جاء نتيجة لمشاركة حليمة بومدين ومعها عشرات آخرون( خمسون شخصا) في الدعوة لمقاطعة السلع الإسرائيلية في سوبرماركت في بلدة مونتيني.. وذلك في إطار الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل ومنتجاتها.. التي أطلقها المجتمع المدني الفلسطيني في2005 في إطار المقاومة السلمية غير العنيفة من جانب المواطنين المطالبة بالمقاطعة ومنع الاستثمار وفرض العقوبات.. مستلهمين في ذلك بكفاح جنوب إفريقيا ضد نظام الأبارتهايد.. للتعبير عن رفضهم واستيائهم ضد سياسة القمع والاحتلال التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ ستين عاما.. وفي نفس الوقت عن إدانتهم لتواطؤ الحكومات علي مستوي العالم في عدم معاقبة إسرائيل التي تخنق حقوق الشعب الفلسطيني.. هؤلاء المناضلون الذين اشتركوا مع حليمة بومدين في الحملة.. يمثلون جميعا الآن أمام المحاكم الفرنسية.. بنفس التهمة.. تهمة( معاداة السامية).. هذه التهمة الابتزازيةالتي تسلط أسلحتها علي رقاب كل من يجرؤ علي انتقاد حكومة إسرائيل وسياساتها وممارساتها.. في المؤتمر الصحفي الذي عقدته السيناتريس حليمة بومدين أخيرا بمقر مجلس الشيوخ الفرنسي وشاركت فيه العديد من الشخصيات البرلمانية من فرنسا ومن أوروبا وشخصيات سياسية وحزبية.. وجهت حليمة أصابع الاتهام إلي ما وصفته باللوبي الصهيوني, وقالت إنها محاكمة سياسية ذات ظلال وخلفيات عنصرية. وأكدت حليمة بومدين أنها ليست البرلمانية الوحيدة المنخرطة في هذا النضال من أجل احترام القانون الدولي والمطالبة بوضع حد للاعقاب الذي تحظي به إسرائيل من جانب القوي الكبري منذ أكثر من60 سنة.. بل إننا كثيرون نطالب بضرورة أن تحترم إسرائيل قرارات الأممالمتحدة, واتفاقات الشراكة التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي. ولكنني الوحيدة بين البرلمانيين التي تلاحق قضائيا؟! فاسمي بومدين ربما له علاقة بهذه الملاحقة؟!.. في تلميح واضح إلي تمييز عنصري من جانب الادارة الفرنسية. وأكدت السيناتريس أن معاداة السامية شيء ومعاداة الصهيونية شيء آخر.. ويجب عدم الخلط بينهما لأن الخلط بين الأمرين أمام الرأي العام هو أمر خطير للغاية يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية. الصهيونية اليوم هي سياسة استيطان, واحتلال للأرض وطرد, وإسرائيل باسم الصهيونية ترتكب هذه الجرائم.. كما في غزة ونابلس وجنين وهو أمر غير مقبول.. وتأكيدا لهذا المفهوم الواضح.. شارك في المؤتمر ممثل للاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام.. أعلن في بيان أصدره إن الاتحاد يشعر بالمهانة إزاء هذا الابتزاز باسم معاداة السامية, وهذا الاستغلال( المرفوض) لذكري ضحايا المذابح النازية!! ائتلاف المرأة من أجل السلام في إسرائيل أيضا أصدر بيانا يعلن فيه أن حملة المقاطعة لا علاقة لها بالكراهية العنصرية فهي لم تستهدف المنتجات الكاشير وفق التقاليد اليهودية ولم تستهدف الجمعيات المنتمية لليهود إنما تلك التي تشارك في انتهاك الحقوق الإنسانية والقانون الدولي.. إننا نقول من الذي يستفيد من الاحتلال.. ونندد بعشرات الجمعيات الإسرائيلية والدولية العاملة في مستوطنات إسرائيلية غير شرعية, وتستغل الأيدي العاملة الفلسطينية والسوق الفلسطينية الأسيرة, كما تستغل الموارد الطبعية للأراضي الفلسطينية المحتلة.. منتهكة بذلك القانون الدولي. كاترين تاسكا.. نائب رئيس مجلس الشيوخ والوزيرة الاشتراكية المعارضة, أكدت في المؤتمر الصحفي ان توجيه مثل هذا الاتهام إلي برلمانية هو أمر غير مقبول, وهو يعكس الوضع الحالي للبرلمان الذي أسكت رئيس الدولة صوته بامتهان القواعد الديمقراطية.. وعدم عمل أي اعتبار لقراراته.. هذا علي حد قول السيناتريس كاترين تاسكا.. التي طالبت بضرورة وضع حد لسياسة اللاعقاب لإسرائيل. بينما دعت دانييل سيمونيه السكرتيرة الوطنية لحزب اليسار إلي العصيان المدني من أجل تحقيق سلام عادل ودائم هناك... ومن أجل تحقيق الديمقراطية لدينا هنا.. ووصفت الاتهامات الموجهة إلي حليمة بومدين وشركائها بالإهانة والتشهير.. وأعلن جاك فان مسئول الشئون الدولية بالحزب الاشتراكي أن الهجوم الذي تتعرض له السيناتريس يدخل في إطار التراجع المستمر لحالة القانون.. والواقع.. أن سابقة توجيه مثل هذا الاتهام.. أو الابتذال لبرلمانية فرنسية.. يعيد لأذهان المراقبين في فرنسا..سلسلة من المواقف السابقة.. الذي استخدم فيها هذا السلاح الغريب.. هذا القانون الذي استثنته فرنسا في مطلع التسعينيات..( قانون جيسو) الذي يمكن إشهاره.. في وجه كل من يتجاسر علي انتقاد حكومة إسرائيل وممارساتها.. وضربها عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية.. في تقتيلها وتعذيبها وتجويعها وحصارها للشعب الفلسطيني وفي تغييرها لمعالم القدس وجميع الأراضي الفلسطينية.. في منتصف التسعينيات شهدنا حملة ومحاكمة جان ماري لوبين زعيم حزب الجبهة الوطنية( اليمين المتطرف) بصرف النظر عن موقفنا من سياساته وتطرفه ونزعته المضادة ضد المهاجرين والعرب واليهود ورغبته في أن تكون فرنسا للفرنسيين الأصليين دون غيرهم.. إلا أن هذه الشخصية السياسية قد مثلت أمام القضاء وحوكمت لأنها تجرأت علي التشكيك في حجم المذابح اليهودية علي أيدي النازي.. ووصل الأمر إلي حد أن اللوبي الذي تحدثت عنه حليمة بومدين استطاع أن يصل إلي زوجته ويجعلها تقبل نشر صور فاضحة عارية لها في مجلة بلاي بوي المعروفة؟؟.. أسلوب غير مسبوق في التعامل في السياسة, في التعامل مع شخصية سياسية لها وضعها علي خريطة السياسة لفرنسا.. بصرف النظر عن رأينا في مواقفها السياسية المرفوضة.. قضية أخري.. مثل فيها الكاتب الفرنسي المعروف روجيه جارودي.. أمام القضاء في باريس.. وجرت محاكمته وإدانته.. بسبب نشره كتاب الأساطير المؤسسة لحكماء صهيون.. انتقد فيه بروتوكولات حكماء صهيون المعروفة. وفي هذه المناسبة..وخلال متابعة الصحفيين للجلسة في المحكمة.. تتبعت مجموعة من( البيتار) الزميل الأستاذ عبدالله حسن مدير مكتب أنباء الشرق الأوسط في باريس في ذلك الحين.. ورئيس مجلس إدارتها ورئيسها حاليا ونزلت فيه لكما وضربا, وكسرت له سنته.. دون أية ملاحقة قضائية برغم قيامه بتحرير محضر في قسم الشرطة.. وبتقديم شكوي في وزارة الخارجية. حادثة أخري تعرضت لها صحيفتنا, صحيفة الأهرام, في عهد الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير الأسبق.. حيث لاحق القضاء الفرنسي الجريدة ورئيسها.. بنفس التهمة.. تهمة معاداة السامية.. بسبب نشر مقال للزميل الأستاذ عادل حمودة.. تحدث فيه عما وصفه بكعكة حاخامات صهيون.. فكانت قضية وملاحقات ومرافعات.. بل إن الرئيس الفرنسي السابق نفسه.. جاك شيراك وحكومته.. تعرض لنفس الاتهام والابتزاز, حيث اتهمته إسرائيل واللوبي بمعاداة السامية.. عندما توترت العلاقات بينه وبين حكومتها قبل نحو ست سنوات بسب مواقفه واعتراضهم علي سياسة إسرائيل وتجاوزاتها وما يعرف عن سياسة فرنسا العربية, وخرجت نداءات من إسرائيل.. ليهود فرنسا.. تطالبهم بمغادرتها.. والذهاب للاقامة في إسرائيل.. وقد لبي النداء نحو ثلاثين ألفا في هذه الفترة.. بينما وقف بعض زعمائهم هنا.. ورئيس الكرين المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا.. يرفض تدخل إسرائيل.. في شئون يهود فرنسا في الخارج.. وهو موقف حظي بالتقدير من جانب شيراك.. ولم تنصلح الأمور والعلاقات إلا بالزيارة التي قام بها شارون2005 والتي حظيت بحفاوة وترحاب كبيرين.. بعد غيوم شابت العلاقات لبضع سنوات.. ابتزاز( معاداة السامية) اذن قائم وموجود منذ سنوات عديدة.. ولكنه علي ما يبدو يأخذ الآن منعطفا جديدا.. في عهد الرئيس ساركوزي وإدارته.. يجعل المراقبون يتساءلون.. إلي أين؟!...